من أعجب ما رأيت من تعلق اليهود بموسى وبما جاء به أمران: أحدهما: تعلقهم بما أخبر الله عنهم وامتن عليهم به من أن الله اصطفاهم على العالمين، فصاروا يزعمون أنهم شعب الله المختار، مع أن الله كتب عليهم الذلة والصغار وسوء العذاب إلى يوم القيامة، وإنما فضلهم الله تعالى على عالمي زمانهم فقط لما آمنوا واتبعوا موسى عليه الصلاة والسلام، وهكذا نشأت هذه العقيدة العرقية العنصرية عندهم تحريفاً وتكذيباً بما أخبر الله تبارك وتعالى.
الثاني: احتجاجهم على عنصريتهم لبني جنسهم، وجواز الاعتداء على غيرهم بقصة موسى حينما وكز المصري الفرعوني حين استنصر به الإسرائيلي الذي كان يختصم معه، فلما وكزه موسى قضى عليه، ولم يكن يقصد قتل الرجل وإنما أراد أن يدفع هذا الفرعوني عن الإسرائيلي بضربة تكفه عن الأذى، ولكن هذه الضربة -لقوة موسى- أدت إلى قتله، فلما رآه موسى قتيلاً {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ}[القصص:١٥]، ثم أخذ يستغفر الله مما فعل، فغفر الله له، وكل ذلك كان قبل النبوة.
لكن اليهود يحتجون بهذا على ما هو معروف من طبيعتهم ومواقفهم من غير اليهود، من جواز الاعتداء عليهم، وأكل أموالهم، وقتلهم ونحو ذلك، وليس هذا بغريب منهم فتلك طبيعتهم، وهذا منهجهم مع كتب الله، ومع أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.