للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة مرتبة الخلق]

الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء في هذا الكون، ومن ذلك أفعال العباد، فالله خالق العباد وخالق أفعالهم.

وهذه المسألة -خلق أفعال العباد- هي مسألة القضاء والقدر التي صار فيها الكلام الطويل بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة، والأدلة على إثباتها كثيرة، ومنها: قول الله تبارك وتعالى في قصة إبراهيم لما كسر أصنامهم وجاءوا إليه فقال لهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:٩٥ - ٩٦] أي: خلقكم وعملكم، هذه إذا كانت (ما) مصدرية.

وهناك قول آخر: أن (ما) موصولة، أي: خلقكم وخلق العمل الذي تعملونه.

وأيضاً قول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [غافر:٦٢]، وقوله تعالى أيضاً: {قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:١٦]، وقوله تبارك وتعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:٦٢] إلى آخر الأدلة الكثيرة الواردة في كتاب الله تعالى.

ومن الأحاديث الواردة ما يرويه زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها) وهو في صحيح مسلم، والشاهد قوله: (اللهم آت نفسي تقواها، وزكها) فالفاعل هو الله تعالى، فهو الذي يطلب منه ذلك، وهذا هو معنى قول الله تبارك وتعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس:٨]، قال سعيد بن جبير في تفسير هذه الآية: فالخلق لله، والإنسان قادر على سلوك أيهما شاء، وهو ومخير.

وقال ابن زيد في معنى هذه الآية: جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى، وخذلانه إياها بالفجور.

وورد حديث صحيح رواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، ورواه البيهقي أيضاً في الأسماء والصفات، ورواه الحاكم في المستدرك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يصنع كل صانع وصنعته)، قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:٩٦]، وهذا حديث صحيح إلى آخر الأدلة التي تدل على أن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء.

هذه المراتب الأربع عند أهل السنة والجماعة لابد أن يؤمن بها الإنسان، ناسباً لها لله الواحد القهار علماً وكتابة ومشيئة وخلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>