للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نصيحة للنساء]

السؤال

هل هناك من نصيحة توجهونها إلى النساء؟

الجواب

أما نصيحتي لأخواتي المسلمات فتتخلص في ثلاثة أمور: الأمر الأول: تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، فالتقوى هي لعموم المؤمنين ومنهم النساء، لكن المرأة مطلوب منها أن تتذكر تقواها لربها في عرضها وصلاتها وحق زوجها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اطلعت على النار فوجدت أكثر أهلها النساء.

فقلن: يا رسول الله! لمَ؟ قال: لأنكن تكفرن العشير، لو أحسنت إليها الدهر كله ثم رأت يوماً سوءً قالت: ما رأيت خيراً قط)، وهذه هي طبيعة المرأة، فعليها أن تتقي الله سبحانه وتعالى في نفسها، وفي مال زوجها وبيته، وفي وأولادها.

الأمر الثاني: يجب أن تحذر أختي المسلمة كل الحذر من دعايات المضللين والمنافقين والمنافقات، وبعض الناس يظن أنه لا منافقات، وهذا غلط؛ لأن الله يقول في أكثر من آية: (والمنافقون والمنافقات).

إذاً ليس النفاق خاصاً بالرجال، وإنما في النساء منافقات بنص القرآن الكريم، فعليها أن تحذر منهن ومنهم، فأولئك الذين يريدون أن يلبسوا الباطل بلباس الحق عليها أن تحذر من مكايدهم، وهكذا دعاة التبرج والسفور والاختلاط ودعاة هدم الأخلاق عليها أن تحذر كل الحذر من هؤلاء.

ولتعلم أختي المسلمة أنها إذا حذرت هؤلاء فإن البديل لها هو ما شرعه الله لها، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦]، أترون بنات المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عشن شقيات لأنهن لم يخرجن ولم يتبرجن، ولم يُكنَّ مثل الرجال يخالطنهم في الوظائف والأعمال؟ الجواب: لا.

بل -والله- كنّ يعشن في أتم سعادة؛ لأنهن ائتمرن بأمر الله سبحانه في قوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٣]، وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:٣١].

ائتمرن بأمر الله، فقامت المسلمة بدورها تصنع الرجال وتربي الأجيال وتخرجهم، حتى تربى الأولاد وتربت البنات على الطاعة والالتزام وعلى العزة بهذا الدين، فصار الواحد منهم يمشي في مشارق الأرض ومغاربها حاملاً مشعل الإيمان معتزاً بدينه رافعاً راية الحق خفاقة، يقول للكفار في كل مكان: هذا ديني وإسلامي، وهذا نسبي، فإلى من تنتسبون؟! هكذا صنعت النساء، وهكذا كن الصحابيات والتابعيات ومن جاء بعدهن يصنعن، فهل رأيتم صحابية أو من نساء السلف من أصيبت بمرض نفسي لأنها تجلس في البيت؟ أو أصيبت بعقدة كما يدعي المستغربون والمنافقون؟ الجواب: لا والله.

ولماذا لا نجد في تاريخنا -وفيه نساء كثيرات- ما يبثه اليوم أعداء الإسلام من قولهم: المرأة جالسة عاطلة؟ بل المرأة تقوم بدور عظيم جداً؛ لأن هذا من الطبيعة التي خلقها الله عليها، فالمرأة لها طبيعة خاصة، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل:١ - ٣]، فلو جئنا لنعكس ونقول: الليل يكون نهاراً.

والنهار يكون ليلاً فكيف ستكون حياتنا؟ ستكون تعاسة؛ لأننا عكسنا الطبيعة التي خلق الله الكون عليها.

وكذلك أيضاً لو جئنا نعكس ونقول: المرأة تقوم بدور الرجل؛ لأن هذه طبيعة خلقها الله عليها، فالمرأة هي التي تحمل، وهي التي تصنع الرجال، وهي التي ترضع، وهي التي تقوم بالبيت، فإذا غيرنا هذه الأمور وقلنا للمرأة: تعالي فكوني أنت التي تحملين السلاح دائماً، وأنت التي تؤدين الوظائف، وأنت التي تختلطين بالرجال فسنرى أنه انعكست الأمور وانحطت الأخلاق وتحطمت الأمة، وهل بعد أمر الله أمر؟! وهل بعد اختيار الله اختيار؟! أما الوصية الثالثة لأختي المسلمة فهي أن تكوني داعية إلى الله بين أخواتك المسلمات، فالمرأة تؤثر على المرأة، ولا تكوني ممن تدعو أحياناً إلى السوء وهي لا تشعر، فبعض النساء تجدها أحياناً تفعل أشياء تظنها لا شيء فيها وهي أحياناً تؤدي إلى خراب البيوت.

مثلاً: قد تأتي المرأة إلى جارتها أو صديقتها فتجدها تخبر صديقتها عن أحسن أخلاق زوجها، وقد يكون زوجها له خلق أو خلقان ممتازان، لكن له ثلاثة أو أربعة سيئة، فتأتي مقابلتها التي تسمع منها ويكون هذا الخلق الذي ذكرته هو من أسوأ أخلاق زوجها، فتقول مثلاً: إن زوجي لا يرد لي مطلباً.

أو نحو ذلك من الأمور التي تذكرها المرأة أحياناً، فتلك تسمع منها وتقول: إذا كانت هذه المسألة قد حسنت أخلاق زوجها فيها فما بالك بالأخلاق الأخرى؟ فترجع على زوجها، وتسوء العلاقة بينهما، مع أنها لو فتشت في مجمل أخلاق زوجها ومجمل أخلاق زوج جارتها أو صديقتها لوجدت أن زوجها يفضل ذاك بكثير، لكن السبب هو تلك الأمور التي تحدث بين النساء ويكون فيها إسفاف، والوسائل والأمثلة كثيرة، لكن على المرأة المسلمة أن تكون داعية إلى الله، فإذا اجتمعت مع أختها تتذاكر معها كتاب الله، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والأمر الطيب والإصلاح بين الناس والحديث والسمر الذي يحبب النفوس ولا يبغض النفوس فذلك أمر محمود.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزق أخواتي المسلمات جميعاً التقوى والعفاف، وأن يعصمهن من الانحراف، وأن يوفق أولياء أمورهن على أن يكونوا عوناً لهن على طاعة الله؛ لأن من أولياء الأمور -ولا حول ولا قوة إلا بالله- من يكون عوناً للشيطان على أهل بيته، فإذا هدى الله بنته أو زوجه أو أخته صار ضدهم يريد أن يجرفهم وأن يحرفهم.

أسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>