[الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته وأثرها في حياة الأسرة]
سادساً: الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته وأثرها في حياة الأسرة.
وهذا -أيها الإخوة- باب عريض، فإن المتأمل للأسماء والصفات لله سبحانه وتعالى فإنه سيجد في كل اسم من أسماء الله وفي كل صفة من صفات الله -إذا عرف الإنسان اسم الله وعرف مدلوله، وآمن به وأثبته لله تبارك وتعالى كما يليق بجلاله وعظمته، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل- يجد أثراً عظيماً جداً على حياة الإنسان وعلى حياة الأسرة بصفة خاصة؛ ولو أننا أفردنا المحاضرة لهذا الموضوع لما كفى، لكنني سأشير إشارات لأنتقل إلى موضوع آخر؛ فأقول من الأمثلة على ذلك: أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، الإيمان بأن الله هو الرزاق ما أثره في حياة الأسرة؟ له أثر عظيم، فهذا الاسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، إذاً: ليس الملوك هم الذين يرزقون، ولا الأغنياء هم الذين يرزقون، ولا التجارات هي التي ترزق، ولا غيرهم هو الذي يرزق، إن الله هو الرزاق، قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود:٦]، وقال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات:٥٦ - ٥٨]؛ الإيمان بأن الله هو الرزاق يضفي الطمأنينة على حياة الأسرة، ويبعد عنها شبح الخوف من الفقر، فالأب لا يأنف أن يزوج ابنته من شاب فقير إذا كان صالحاً في دينه؛ لأن الله هو الرزاق؛ ولأن الله يقول عنهم:{إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[النور:٣٢]؛ فلماذا أيها الآباء إذا أتاكم الشاب الصالح تمتنعون أحياناً لأنه فقير أو من أسرة فقيرة؟ هل تخافون على ابنتكم الفقر؟ لا والله، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات:٥٨] نعم والله! إن الأب حين يبحث لابنته عن غني فلربما يضعها في قصر تعيش فيه فقيرة طول عمرها، وحينما يزوجها من شاب صالح ولو كان فقيراً فلربما يغنيهما الله سبحانه وتعالى من فضله، ولو عاشت معه فقيرة فلربما عاشت غنية، والغنى غنى النفس، لماذا اختلت الموازين في حياة الأسرة المسلمة وهي تؤمن بأن الله هو الرزاق؟ والشاب أيضاً يقبل على الزواج ولا يخاف الفقر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الناكح يريد العفاف حق على الله سبحانه وتعالى عونه، فلماذا أيها الإخوة لا نيسر الزواج؟ ثم نقول ثالثاً: لماذا الخوف من كثرة الأولاد؟ لماذا تحديد النسل؟ لماذا تغضب المرأة حين تحمل؟ نعم هناك حالات خاصة تكون المرأة متعبة أو مريضة، لكن نتكلم عن عموم الناس، أيخافون الفقر؟ أيخافون العيلة؟ أيخافون التربية؟ إن المولود إذا جاء يأتي ورزقه معه، لست أنت الذي ترزقه، إن الزوجة إذا دخلت هذا البيت تأتي ورزقها معها لست أنت الذي ترزقها؛ بل أنت أيها الأب! وأنت أيها الزوج! إن الله هو الرزاق لك، هذه حقائق العقيدة، هذه حقائق الإيمان بأسماء الله وصفاته، وأثرها في حياة الإنسان والأسرة.
أيها الإخوة في الله! أنتقل إلى مثال آخر ولعلي لا أطيل فيه: من أسمائه تبارك وتعالى العليم، والسميع، فهذا الاسم -العليم- يعني أنه يعلم ما كان وما يكون، والسميع يسمع كل شيء، ما أثره حينما تربى عليه الأسرة؟ يضفي على الأسرة كمالات الأخلاق حتى في حال غياب الأب والزوج، فالأسرة التي تربت على أن الله ينظر إليها ويراقبها وعليم بها هل يمكن أن تخون؟ هل يمكن أن تخون الزوجة التي غاب عنها زوجها لكنها تعلم أن الله لا يغيب؟ لا، وكذلك أيضاً الابن، وكذلك أيضاً البنت، نعم، إن الأب له مسئولية في الأسرة، لكن الأب لا يستطيع أن يسيطر مائة بالمائة، لأنه يذهب ويأتي ليطلب الرزق، لكن إذا خلف في البيت أسرة ربيت على الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، وأنه عليم بذات الصدور، مطلع على ما فيها، وأن الله سبحانه وتعالى يرى الإنسان على أي حالة:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}[المجادلة:٧]؛ إذا ربيت الأسرة على هذا فعلاً تحولت الأسرة إلى أسرة تقية مؤمنة، أسرة تخاف الله واليوم الآخر، وكذا بقية أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته.