خامساً: من مقتضيات التوحيد طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذه قضية كبرى في جانب العقيدة في حياة الأمة عموماً وفي حياة الأسرة خصوصاً، نظام الأسرة بكل تفاصيله هو شرع من الله، وشرع الله ينبثق من العقيدة، فلا ينظرن الإنسان إلى جزئيات من جزئيات شرعية الله في باب الأسرة على أنه مسألة فرعية، لا إن نظام الأسرة شرع من الله واجب الطاعة؛ لأن عقيدة (لا إله إلا الله) تقوم على العبودية لله، ومقتضى العبودية الحب لله، والذل لله، والخضوع له، وكمال ذلك كله ينتهي بكمال الطاعة لله تبارك وتعالى، ومن هنا فإن كل ما في تشريع الإسلام من كمال وشمول وصلاحية للزمان والمكان يدخل فيه نظام الأسرة؛ لأنه تشريع من العليم الخبير، فإذا ما جاء ملحد أو زنديق أو حداثي أو فوضوي أو علماني أو غيره ليقول: النظام الفلاني القضية الفلانية المسألة الفلانية التي تتعلق الزمان تطور، نقول: لا، ما تطور الزمان؛ لأن هذه الشريعة وضعها العليم الخبير الذي علم ما كان وما سيكون، فهي شريعة كاملة صالحة لكل زمان ومكان، وأي إنسان يرفض شريعة الله في أي جانب من جوانب الحياة -ومنها جانب الأسرة- فإن هذا الذي يرفض هذه الشريعة خارج من دائرة الإسلام.
أيها الإخوة في الله! إن شريعة الله في الأسرة وفي غير الأسرة واجبة التطبيق، ولا خيار للأمة ولا خيار للمسلم في ذلك أبداً، ودعوني أضرب لكم أمثلة، وإلا فشريعة الله في الأسرة كلها داخلة في هذا: قوامة الرجل على المرأة؛ هذا تشريع رباني، الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:٣٤]؛ إذاً: هذه القوامة لا يجوز لإنسان أن ينقضها؛ لأنها تشريع إلهي، ولو كانت مطبقةً عند الغرب أو غير الغرب، القوامة للرجل فهو مدير الأسرة، وهو الذي بيده عقدة الطلاق؛ لأن الأسرة كالسفينة لا بد أن يكون له ربان واحد، وإلا لم تجر كما ينبغي؛ ولأن الأسرة إذا تسلطت فيها المرأة تنتهي إلى الفشل غالباً، ولأن علم النفس أيضاً يقول: إن الأطفال الذين يتربون في ظل أبوين يتنازعان السيادة تكون عواطفهم مختلة، وتكثر في نفوسهم العقد والاضطرابات، ونحن لسنا بحاجة إلى علم نفس أو غير علم نفس، لكن (ليطمئن قلبي) وإلا فشريعة الله سبحانه وتعالى كافية في هذا.
مثال آخر يتعلق بهذه القضية المهمة: المرأة المسلمة ما هو موقفها تجاه ما شرعه الله سبحانه وتعالى بالنسبة لها؟ في ظل العقيدة، وفي ظل وجوب الطاعة لله ولرسوله المنبثقة من (لا إله إلا الله) تكون المرأة المسلمة مطيعة لربها، متبعة لشرعه، لا تعترض على شرع الله، إن الله تعالى يقول:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب:٣٦]، فإذا قضى الله ورسوله أمراً فليس لمؤمن ولا مؤمنة الخيار، ولهذا فإننا نقول للمرأة المسلمة: الحجاب شريعة من؟ وهل لك خيار في أن تطيعي أو لا تطيعي؟ إنه شريعة الله، ولو زين لك أعداء الإسلام وأعداء المرأة المسلمة ألف تزيين؛ فإن الواجب عليك أن تتبعي شريعة الله، لا خيار للأسرة لا للزوج ولا للمرأة في وجوب الحجاب.
ومن الأمثلة بالنسبة للمرأة: شريعة الله في إباحة تعدد الزوجات، نقول: المرأة من طبيعتها أنها تأبى هذا، وهذا طبع مركب فيها، لكن لا يجوز لها أن تعترض على شريعة الله تبارك وتعالى، شريعة الله أباحت تعدد الزوجات، وأثبتت الدراسات المتعددة أن الأمة كلها -لا أقول: الأمة المسلمة، وإنما أمم الأرض- لا يمكن أن تستقيم حياتهم الأسرية كما ينبغي إلا بشريعة تعدد الزوجات، فلا يجوز للمرأة -مهما كانت محبة لزوجها راغبة في أن تحتفظ به- أن تعترض على شريعة الله، وأحذر أختي المسلمة وأقول لها: إياك أن تتلفظي بكلمات تقولينها أحياناً حين تسمعين عن أختك أو جارتك أن زوجها تزوج عليها! لا تتفوهي بكلمات خطرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(وإن الرجل -والمرأة داخلة في ذلك- ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً)، والمرأة أحياناً تقول كلمات تعترض فيها على دين الله وشريعته، فإذا كانت جاهلة ينبغي أن تعلم، وينبغي أن تربى، والمسألة ليست سهلة، المسألة مسألة شريعة لله تبارك وتعالى واجبة الطاعة.
كذلك أيضاً فيما يتعلق بالمرأة: ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بالكفار، هذا شريعة، فليس للمرأة المسلمة خيار في أن تتزيا بما تشاء، نقول: لها أن تتجمل، لكن إذا كان الزي فيه مشابهة للكفار حرم عليها بالشريعة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهكذا بقية الأمور.
إذاً: طاعة الله سبحانه وتعالى أساس العقيدة الذي تبنى عليه وتربى عليه الأسرة.