[كتب السيرة النبوية مصدر من مصادر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم]
القسم الخامس من مصادر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: كتب السيرة النبوية: وبدء تدوين السيرة النبوية ليس هذا مناسبة شرحه، وربما أنها سبقت في مناسبة أخرى، لكن نعرض لبعض كتب السير المشهورة، ومن أهمها: سيرة ابن إسحاق المتوفى سنة (١٥٠ أو سنة ١٥١هـ)، وسيرة ابن إسحاق رحمه الله تعالى كانت مسطورة، ثم هذبها ابن هشام، وعرفت عند الناس جميعاً باسم: سيرة ابن هشام، وفيها اعتماد كامل على سيرة ابن إسحاق، مع بعض الحذف والاختصار في بعض المواضع.
وسيرة ابن إسحاق الأصل وجد منها قطعة تقع في مجلد، طبعت أخيراً بتحقيق محمد حميد الله، ثم طبعت طبعة أخرى بتحقيق سهيل بكار.
وسيرة ابن هشام هذه هي السيرة النبوية المشهورة بين الناس، والتي عمل العلماء لها شروحاً، وممن شرح غريبها الخشني، وشرحه مطبوع، وممن شرحها الإمام السهيلي واسم شرحه (الروض الأنف)، وقد طبع قديماً في أربعة أجزاء، ثم طبع أخيراً قبل سنوات في سبعة مجلدات بتحقيق عبد الرحمن الوكيل طباعة جيدة، وقد حرص السهيلي على بعض التعليقات وبعض التعقيبات، وشرح بعض الغوامض.
وينبغي أن يعلم أن سيرة ابن هشام هذه هي سيرة ينبغي التثبت من أحداثها تصحيحاً وتضعيفاً، فليس ما فيها كله صحيح، وإنما يجب مقارنتها بغيرها من السير وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيها بعض الروايات الضعيفة، وخاصة ما يتعلق بعهد الجاهلية أو بحياة النبي صلى الله عليه وسلم الأولى وما يتعلق بولادته ونحوها، لكن ابن إسحاق ثقة في باب المغازي، فإذا لم نجد ما يعارضه من الأحاديث الصحيحة فإننا نعتمد ما قاله ابن إسحاق رحمه الله تعالى.
وهناك جزء من السيرة لـ أبي إسحاق الفزاري المتوفى سنة (١٨٦هـ)، وأبو إسحاق الفزاري روى له الجماعة، فهو أحد الثقات، وقد طبع أيضاً جزء من كتابه هذا، وهو كتاب جيد لم يقتصر فيه على السيرة النبوية، وإنما ذكر فيها ما يتعلق بالأمور المتعلقة بمعاملة الناس في أثناء الجهاد والغنائم، ففيه تفصيلات وأحكام أخرى.
ومن المغازي المشهورة مغازي الواقدي المتوفى سنة (٢٠٧هـ)، لكن الواقدي هذا متروك، ولما كان ضعيفاً نجد المستشرقين عنوا عناية كبيرة بسيرة الواقدي ومغازيه، وتركوا سيرة ابن إسحاق رحمه الله تعالى، وكان الأولى هو العكس: تقديم سيرة ابن إسحاق على مغازي الواقدي.
ومن كتب السيرة أيضاً: ما كتبه محمد بن سعد كاتب الواقدي المتوفى سنة (٢٣٠هـ) -وهو ثقة- مقدمة لكتابه (الطبقات الكبرى)، ففيه تفصيلات بالأسانيد لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مرجع مهم.
ومن كتب السيرة أيضاً: (الدرر في اختصار المغازي والسير) لـ ابن عبد البر القرطبي الإمام المشهور المتوفى سنة (٤٦٣هـ) وكتابه مطبوع، وقد تابع فيه ابن إسحاق، لكنه رحمه الله تعالى زاد على ذلك بروايات من الحديث النبوي من صحيح البخاري ومن سنن أبي داود ومن غيرها من الكتب.
وهناك كتب أخرى فيها عناية بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مفصلة، ومنها: (شرح المواهب اللدنية) للقسطلاني، وهو كتاب كبير جداً حاوٍ لكثير من المسائل المتعلقة بشمائل الرسول وسيرته ومغازيه وصفاته وأحواله، ففيه تفصيل كبير، ويتميز أن فيه تحقيقات حديثية وترجيحات، فتجده إذا ذكر الحديث يرجع إلى كتاب البخاري أو إلى كتاب مسلم، ويذكر الروايات، ويناقشها، ويرجح بينها، فهو مرجع مهم في هذا.
ومن كتب السير المشهورة: كتاب (السيرة الحملية) وهي مطبوعة، لكن يُحذر مافيها من روايات ضعيفة؛ لأن فيها روايات إسرائيلية كثيرة.
ومن السير أيضاً: كتاب (سبل الهدى والرشاد) لـ محمد بن يوسف الدمشقي الشامي المتوفي سنة (٩٤٢هـ)، وقد طبع من الكتاب ستة أجزاء وهو كتاب كبير، لكنه كتاب شامل، وفيه ما يجب أن يحذر منه من بعض القضايا العقدية، ومن بعض الروايات الضعيفة.