الإيمان بالقضاء والقدر يقتضي من العبد أن يؤمن بأربع مراتب دل عليها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمتتبع للنصوص الواردة في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد أن هذه المراتب الأربع كاملة قد ورد الإخبار عنها بما يقتضي نسبتها إلى الله سبحانه وتعالى، وهذه المراتب الأربع هي التي أشرنا إليها إجمالاً في التعريف وهي: الأولى: مرتبة العلم.
الثانية: مرتبة الكتابة.
الثالثة: مرتبة المشيئة.
الرابعة: مرتبة الخلق.
فهذه المراتب الأربع كلها لله سبحانه وتعالى، وقد دلت على ذلك الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ونحن هنا نشير إلى بعض الأدلة على هذه المراتب.
والإيمان بالقضاء والقدر قد وردت فيه آيات وأحاديث كثيرة جداً، منها: قول الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر:٤٩].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:(وتؤمن بالقدر خيره وشره)، ويقول في الحديث الآخر:(لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه) وهذا حديث صحيح رواه الترمذي وغيره.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم -كما في حديث علي رضي الله عنه-: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، وبالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر) وهذا أيضاً رواه الترمذي.
وعن طاوس رحمه الله تعالى قال: أدركت ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر، ثم قال: وسمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، أو الكيس والعجز) ومعنى الكيس: الهمة والنشاط، والعجز: هو عجز الإنسان، فكل شيء بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث هن أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد باق منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار)، وهذا الحديث رواه أبو داود إلى آخر الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان بالقدر بإجمال.