[الغاية من طلب العلم على مختلف فنونه هي عبادة الله عز وجل]
الوقفة الثانية: قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر:٩]، هل يستوي القانت المطيع لله ورسوله ومن أشرك بالله وجعل له أنداداً؟ إنهم لا يفهمون أبداً.
وقد وصف هذا المطيع بأنه آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، هو بين الخوف والرجاء مع كثرة عمله وصلاحه، ثم قال تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩].
قال الإمام الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره: قل -يا محمد- لقومك: هل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربهم من الثواب، وما عليهم في معصيتهم إياه من التبعات، والذين لا يعلمون ذلك فهم يخبطون في عشواء، لا يرجون بحسن أعمالهم خيراً، ولا يخافون بسيئها شراً؟ يقول: ما هذان بمستويين.
ونقل القرطبي رحمه الله عن بعض العلماء أنه قال: الذين يعلمون هم الذين ينتفعون بعلمهم ويعملون به، فأما من لم ينتفع بعلمه، ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم.
أيها الإخوة في الله! وهذا يشمل العلوم الشرعية وغيرها، ومن ثم فإن هذه الآية تدل على عدة أمور: أحدها: أن العلم الذي لا يوصل إلى الله تعالى؛ فليس بعلم حقيقي مهما كان.
الثاني: أن العلم الصحيح هو ما نقل صاحبه إلى العمل على وفق شرع الله تبارك وتعالى رغبة فيما عند الله تعالى، وحذراً من عقابه.
الثالثة: أن غاية الحياة -ومنها: طلب العلم على مختلف فنونه وفروعه- هي عبادة الله تبارك وتعالى، وبهذا تضبط موازين الحياة.