أيتها الأخت! ابنك أو أخوك البالغ من العمر عشر سنوات أو اثني عشر عاماً كيف تخاطبينه في أمور الدنيا والآخرة؟ أظن أن كثيراً منهم لا يفقه كثيراً من الكلام، نظراً لأن أطفالنا وأولادنا شغلوا بمتع الدنيا، فصار حديث الواحد منهم عنها، وصارت حياته فيها، فيعيش وكأنه لا يؤمن باليوم الآخر أو كأنه لا يعرف اليوم الآخر، ورسولنا صلى الله عليه وآله وسلم كان يربي الصغار على الأمور الكبار، ويخاطبهم مخاطبة الكبار، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأحد غلمان الصحابة:(يا غلام!)، والغلام: هو الذي دون الخمسة عشر عاماً، أي: بلغ اثني عشر أو ثلاثة عشر أو أحد عشر عاماً، وهذه كانت سن ابن عباس رضي الله عنهما.
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ ابن عباس:(يا غلام! إني أعلمك كلمات.
احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
فما رأيك -أيتها الأخوات- في هذا الخطاب الإيماني الذي يُخاطب به غلام من الغلمان؟ إنها التربية التي تبين قدر الدنيا وقدر الآخرة، إنها التربية التي تعلق الصغير بالله سبحانه وتعالى، ولهذا إذا نظرت المرأة إلى ما يحدث على هذه الدنيا من نزاع وخصام وعرفت قدر الآخرة فإن المرأة العاقلة هي التي تزن الأمور بموازينها الصحيحة، وتعطي كل ذي حق حقه.