كثيراً ما نقرأ في الساحة كتباً تتحدث عن الأخلاق، وهذه الكتب التي تتحدث عن الأخلاق كتب متنوعة مختلفة المشارب، فأيها يوافق منهج أهل السنة والجماعة في هذا الباب؟ هذا الذي أردنا بيانه هنا؛ لأن هناك عدة مسالك ومناهج في باب الأخلاق تخالف منهج أهل السنة والجماعة، ومنها المنهج الفلسفي.
والمنهج الفلسفي هو الذي يربط الخلق برابطة عقلية أو مادية بحتة، فتجدهم أحياناً يجعلون مناط الأخلاق حسنها وسيئها هو العقل، وهذا تحكم، بينما منهج أهل السنة والجماعة في الأخلاق أن يجعلوا مناطها هو الشرع، وصحيح أن الشرع لا يمكن أن يخالف العقل الصحيح السليم.
تجد بعض المناهج يجعل غاية الخلق هو اللذة، وهذه مناهج عقلية موجودة، وهناك دعاة لها من أصحاب الإباحية وغيرهم.
وهناك من يرى أن عماد الخلق هو المنفعة، وهذه هي أخلاق الغربيين الآن.
هذه الأخلاق لا تقوم على مبدأ الدين وإنما تقوم على المنفعة، ومن العجيب أن كثيراً منا يعجب بما يتصفون به من صفة الصدق في بيعهم وشرائهم، ولكنهم يجهلون أن هذه الصفة إنما هي صفة مادية بحتة، يريد أصحابها منها منفعة عاجلة، فهو يريد أن يكون صادقاً حتى يربح أكثر؛ لأنه يعلم أنه لو كذب لفضح ولبارت تجارته.
وهناك منهج آخر منحرف وهو المنهج الصوفي الذي يريد أن يربي الإنسان على الانقطاع عن هذه الحياة، وذلك من خلال ما يريد أن يصل إليه من جلب أو كسب صوفي أو غير ذلك، ويظن أصحاب هذا الخلق أن عماد الأخلاق أن تنقطع عن هذه الحياة فلا تختلط بالناس ولا تدعو إلى الله، ولا تكون ممن يعمر هذا الكون كما أمر الله سبحانه وتعالى عمراناً فيه نصرة للمؤمنين وقوة ودافع لهم للجهاد في سبيل الله ولدعوة الناس إلى دين الله، بل يريد أن يحصرهم في هذا النطاق الضيق.
إذاً هذا منهج منحرف، ومن أجل ذلك كان لا بد أن نبين المنهج الإسلامي ومنهج أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى في هذا الباب الذي هو باب الأخلاق والسلوك.