الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجهم، واهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! وأمام هذه المؤثرات التربوية على أبنائنا ما هو الحل؟ هل نستسلم للأمر الواقع ونقول: أعداؤنا غزونا فماذا نصنع بهم؟ ألسنا مأمورين شرعاً باتخاذ الأسباب؟ أيها الإخوة في الله! إن شبابنا -والحمد لله- لا يزال يحتفظ بقدر كبير من الفطرة السليمة واليقظة الإيمانية متى ما حرك ذلك الشعور الإيماني، ووسائل التربية الذاتية في البيت والمسجد والمدرسة وغيرها حين تكون صالحة ومركزة وحين تستوي على سوقها؛ تؤدي -بمعونة من الله- إلى أنواع من الحصانة التي تجعل الشباب المسلم يتعالى بإيمانه، ودينه، وخلقه الإسلامي عن هذه الدناءات.
وسأضرب لكم مثالاً على هذا الذي أقوله: كم من شاب ذهب سابقاً للدراسة في بلاد الغرب، وما دفعه إلى ذلك إلا حب الحرية، والاستمتاع هناك بكل أنواع اللهو والفساد، وكثيراً ما كان هذا الشاب يكلم زملاءه، ويتحدث معهم قبل سفره عما سيواجه هناك، وما سيلاقيه ويتمتع به من لهو وعبث، وفعلاً يذهب الشاب إلى هناك؛ حيث لا رقيب ولا حسيب من أهل أو نظام يمنع من ذلك، بل إن نظام تلك البلدان يحمي ذلك.
ويعيش فترة طويلة أو قصيرة يرى فيها بأم عينية بلاد الحرية، ويتمتع إن أراد بما شاء دون أن يحاسبه أحد، ولكن الذي يحدث أحياناً، بل يحدث كثيراً والحمد لله، أن هذا الشاب سرعان ما يستيقظ عنده إيمانه وعقيدته؛ فيرجع إلى ربه رجوعاً صحيحاً، ويعود إلى بلاده أصلب وأقوى إيماناً، بل يعود إلى بلاده داعية إلى الله تبارك وتعالى! أيها الإخوة! هذه نماذج شاهدتموها جميعاً، ونحن نقول بالنسبة لما نشكوه من مشكلات البث المباشر ونحوه: حين نربي أولادنا على المنهج الصحيح، هل سيتعامل معها أبناؤنا كما تعامل بعض الشباب الذين عاشوا في بلاد الحرية؟ إن هذا البث المباشر يجب الوقوف دونه عملياً ونظرياً، والذي أقوله هنا هو توجيه لنا نحن الأسر نحن الآباء، بحيث لا نستسلم للأمر الواقع، ولا ندع الأمور تسير كما يراد لها.
علينا أن نصنع شيئاً تجاه هذا الغزو الخلقي والعقدي لأولادنا، فنعمل ونجد ونجتهد في تربية أولادنا، وإيقاظ إيمانهم، وتوجيههم التوجيه السليم؛ وهذا سيتحول -بإذن الله تبارك وتعالى- إلى رد فعل قوي جداً، يجعل الشاب يكون أكثر تمسكاً بإيمانه وصلتاً بربه.
كان الزنا مباحاً في الجاهلية، وحين بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان حلالاً مباحاً عند الناس، وكان الزواني أنواعاً، وكان لهن رايات، بل كان الزوج يأمر زوجته حين يريد ولداً نجيباً أن تذهب إلى فلان أو فلان؛ لتعيش معه في الحرام لعله يولد له ولد شجاع، ومع ذلك حين بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، وحين تحولت تلك الدعوة إلى منهج تربوي؛ سرعان ما تخلى أولئك عما كانوا عليه؛ لأنهم وجدوا العقيدة والإيمان والطمأنينة النفسية، وجدوا السعادة الحقيقية، السعادة التي تعتمد أول ما تعتمد على قول الله تبارك وتعالى:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:٥٤] هذا هو مقياس السعادة، يحبهم ويحبونه، وحين يكون الأمر كذلك يكون القلب سعيداً، وتكون النفس مطمئنة، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلني وإياكم من أولئك.
وهناك -أيها الإخوة! - أمور أخرى أحب أن أشير إليها في هذه المناسبة، وهي ذات أثر تربوي منها: