[قوله تعالى:(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم)]
ويقول الله سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}[آل عمران:١٧٣]، وهذا في غزوة أحد لما وقع للمسلمين ما وقع، وأصابهم القرح، واستشهد من المسلمين سبعون، وجرح رسول الهدى صلى الله عليه وسلم وناله من الأذى ما ناله، فخرج المشركون بعد نهاية المعركة، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنهم خرجوا يريدون المدينة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في جراحاته والمسلمون في جراحاتهم -وعددهم يقل عن عدد المشركين، عددهم أقل من ألف، ووقع لهم ما وقع وجرى لهم ما جرى- قال النبي صلى الله عليه وسلم بعزم الصادق المتوكل على الله:(والله لئن ذهبوا إلى المدينة لأناجزنهم فيها)، ولحق بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب إلى مكان يسمى (حمراء الأسد)، ولكن المشركين رضوا من الغنيمة بما نالوه وخشوا من الهزيمة ففروا، فلقيهم في الطريق وفد من عبد القيس، فسألوهم فقالوا: اذهبوا إلى محمد، وقولوا له: إن قد جمعنا له وجمعنا له.
فأتى هذا الوفد ومر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أبا سفيان -وكان مشركاً آنذاك- وقريشاً قالوا ما قالوا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:(((حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) [آل عمران:١٧٣]، ((حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) [آل عمران:١٧٣]).
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ}[آل عمران:١٧٣ - ١٧٤]، من توكل على الله كفاه، وهذه هي الكلمة التي قالها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:(حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار)، لما ألقي في النار حين وجمع له الحطب وأرادوا أن يلقوه فيها، قال إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم: حسبنا الله ونعم الوكيل، فقال الله:{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ}[الأنبياء:٦٩ - ٧٠]، ونجا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما نجا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.