هل الأسرة عادة أو نظام قبلي أو غير ذلك؟ إن الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}[النساء:١]، هذا هو أصل الأسرة في منهج الله تبارك وتعالى، فالناس جميعاً خلقهم الله بمقتضى مشيئته تبارك وتعالى، فلم يأتوا بإرادة أنفسهم، وإنما بإرادة الواحد القهار تبارك وتعالى، فهو المالك لكل شيء، وهو الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، ثم إن الناس كلهم يرجعون إلى نفس واحدة هي آدم، فلماذا الفروق بين أبناء النفس الواحدة؟! ولماذا قطع الرحم؟! لماذا هذه الفروق التي هي فروق جاهلية؟ ثم بعد ذلك أيضاً المرأة تعود إلى هذا الأصل:{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}[النساء:١]، والذين ضلوا من أمم الأرض فيما يتعلق بالمرأة، منهم من جعل المرأة حقيرة ونجسة، وجعلها أصل الشر والبلاء، ومنهم من أطلق لها العنان لتستقل تمام الاستقلال عن أسرتها وعن الحياة كلها، ونسي هؤلاء جميعاً أن المرأة إنسان خلقت لإنسان، ونفس خلقت لنفس، وأن بعضهما يكمل بعضاً، فهما زوجان متكاملان.
إذاً النتيجة: أن قاعدة الحياة البشرية في منهج الله سبحانه وتعالى هي الأسرة، وليست الفوضى كما يريد أعداء الإسلام، وكما هو منهج الذين انحرفوا عن المنهج الصحيح في مشارق الأرض ومغاربها.
ومن هنا فإن هذه الأسرة تبدأ بالزواج، وتثنى بالأولاد؛ ولهذا حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على النكاح، ونهى من أراد أن يتبتل وقال:(من رغب عن سنتي فليس مني)، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على تكثير الأولاد؛ لأن الأولاد الصالحين إذا وجدوا كانوا خيراً:(أو ولد صالح يدعو له) يدعو لوالديه، ولذلك ثبت أن الولد إذا مات وهو صغير يكون شفيعاً لوالديه يوم القيامة، وستأتي الإشارة إلى ذلك.
والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإكثار النسل؛ لأجل أن يباهي بنا الأمم يوم القيامة.
وعلى هذا: فالدعوة إلى تحديد النسل أو ما ترتب على مؤتمر الإسكان الذي سبق قبل أيام معدودات، كلها دعوات جاهلية تخالف أصل الإسلام ومنطلقه في منهجه في قيام الأسرة ونشأتها وتكاملها.