[الإيمان بالله تعالى من الأسس التي تقوم عليها الأخلاق]
الأساس الأول: الإيمان بالله.
وهذا أساس مهم جداً؛ لأن أي خلق يتمسك به الإنسان ويتخلق به لا يكون مبنياً على الإيمان فإن هذا الخلق لن ينفع صاحبه، وإن نفعه فسيكون نفعه عاجلاً لا آجلاً، كأخلاق الكفار، فإن الله تعالى يقول عنهم:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:٢٣].
والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له:(الرجل يقاتل حميةً، ويقاتل لأن يرى مكانه، ويقاتل للمغنم، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) انظر إلى الفرق! ذاك شجاع خاض المعركة وتحدثت عنه وسائل الإعلام وسطرت الكتب تاريخ قيادته وشجاعته، ولكنه خلق جاء من كافر، وأي عمل وأي خلق لا يكون مبنياً على الإيمان بالله والإخلاص له فإنما هو خلق لا ثمرة له في الدار الآخرة، ولا تأثير فيه إلا ذلك التأثير النفعي العاجل، وهكذا في بقية الأخلاق التي قد يتخلق بها غير المؤمنين، لكن المؤمنون يتخلقون بأخلاق بنيت على أساس الإيمان بالله، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح:(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، فالقلب المربوط بالله إيماناً به وإخلاصاً وتصديقاً له لا بد أن يؤدي بالإنسان إلى أن يمتثل في جوارحه ولسانه ورجله ويده، وكل ما يمكن أن يتصرف به يمتثل به على منهاج واضح؛ لأنه يقصد بذلك وجه الله تعالى، وهذا هو الفارق الأصيل بين أخلاق الكفار وأخلاق المؤمنين، وهذا هو الفارق الأصيل بين خلق المؤمن المتمسك بدينه وبين ذلك المنحرف الذي قد يتخلق بخلق لكن لا يقصد به وجه الله تعالى.