وأين سعد بن معاذ؟ لقد كان سعد بن معاذ جريحاً في المدينة النبوية؛ لأنه أصيب في أكحله في غزوة الخندق؛ ولذلك لم يشترك رضي الله عنه في حصار بني قريظة، وهنا طابت نفوس الأوس بهذا الحكم؛ حيث كانوا يأملون من ورائه أن يخفف سيدهم سعد بن معاذ من عقوبة حلفائه اليهود، ومن ثمَّ توجه أعيان منهم من المعسكر النبوي في بني قريظة إلى المدينة لمقابلة سيدهم الشاب الجريح، وإبلاغه القرار النبوي بشأن اليهود، وقابل الأوس سيدهم سعداً في المسجد النبوي، وأخبروه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل أمر بني قريظة إليه ليحكم فيهم بما يريه الله تعالى، وطلبوا منه أن يرأف في الحكم بحلفائه، وذكروه بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل إليه أمرهم وهو حليفهم في الجاهلية إلا ليحسن إليهم، ويخفف الحكم عنهم.
ولما كان سعد جريحاً هيأ له قومه حماراً ليركبه، ويسير به إلى مقر قيادة النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة؛ ليعلن الحكم هناك، وسار سعد يحف به قومه ويقولون له: يا أبا عمرو! حلفاءك ومواليك وأهل النكاية، يا أبا عمرو! أحسن في مواليك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك لتحسن فيهم.
فلما أكثروا عليه قال لهم وهو يقرب من مقر القيادة النبوية:(لقد آن لـ سعد ألا تأخذه في الله لومة لائم)، ولما دنا سعد -كما في صحيح البخاري - قال النبي صلى الله عليه وسلم:(قوموا إلى سيدكم أو خيركم).