القضية الأولى: لماذا النبوة؟ ولماذا احتاجت البشرية إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على مدار التاريخ؟ نحن نعلم ونوقن أن نشأة الإنسان على هذه الأرض نشأة متميزة، وهذا خلاف لتلك النظريات الغربية وغيرها التي تزعم أن الإنسان كائن متطور، كنظرية دارون وغيرها من النظريات التابعة لها، ففي منهاج الإسلام وفي عقيدة الإسلام ونصوصه الصريحة أن هذا الإنسان كائن متميز خلقه الله سبحانه وتعالى بيده، خلق آدم أبا البشر بيده، وأسكنه جنته، وأسجد له ملائكته، ثم إنه تعالى خلق حواء زوجه منه، وابتلاه وامتحنه، فلما عصى آدم وزوجه أهبطهما الله سبحانه وتعالى إلى الأرض، وجعل حياتهم في هذه الأرض حياة تكليف، تلك قصة نشأة البشرية، فلا قرود ولا تطور، ولا ما يذكره هؤلاء جميعاً، وهذه قضية بديهية تماماً في عقيدة الإسلام، وتعقبها قضية بديهية أخرى، ألا وهي أن آدم وزوجه لما أهبطهما الله سبحانه وتعالى إلى الأرض أهبطهما وهما على عقيدة التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له والتزام ما أمرهما الله سبحانه وتعالى بشرعه، وهكذا نمت ذريتهما من بعده.
إذاً هنا قضيةً أخرى، ألا وهي أن آدم لما أهبطه الله من الجنة كان على المعرفة والتوحيد الخالص، قال الله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[البقرة:٢١٣] إلى آخر الآية، وقد روى البخاري عن ابن عباس موقوفاً عليه قال:(كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام) فآدم وذريته من بعده كانوا على المعرفة الحقيقية اليقينية العلمية العبادية الصحيحة على منهج التوحيد الخالص، وهذا مقطوع به.