سابعاً: الإيمان باليوم الآخر له أثر عظيم أيضاً في حياة الأسرة، وأنا أقول: إن عماد تربية الأمة عموماً، والأسرة خصوصاً، والفرد وحده هو الإيمان باليوم الآخر، فالذي لا يؤمن باليوم الآخر، أو لا يستحضر الإيمان باليوم الآخر، تتحول حياته إلى حياة مادية بحتة يكذب يخادع يرتكب المعاصي يرتكب الفواحش يظلم يقهر غيره إلخ، لكن إذا آمن الإنسان باليوم الآخر تحولت نظرته إلى الحياة كلها؛ لأنه يعلم أن الموت قريب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(أكثروا من ذكر هادم اللذات؛ فإنه يذكركم بالآخرة)؛ لأن الموت يأتي على الإنسان في أي وقت ولا ينتظر، ولا يفرق بين الصغير والكبير، لكن ماذا بعد الموت؟ إذا آمن الإنسان بالوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى، والحساب والجزاء، والميزان والصراط، ثم الجنة والنار، تغيرت موازينه للحياة، إذا جاءه واحد وظلمه فإنه يصبر ويصابر، إذا دعته نفسه إلى المعصية تذكر عقاب الله سبحانه وتعالى، يتحول إلى إنسان إيجابي، فالأسرة التي تربى على الإيمان باليوم الآخر تتحول إلى أسرة محافظة على نفسها، وأسرة مؤثرة على غيرها صلة الرحم؛ لأنه يقرب إلى الله ويرجون ثوابه، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الإحسان إلى الجيران، سبحان الله! تنقلب حياة الأسرة إلى أسرة فاعلة ومؤثرة، وموجهة في المجتمع، ولكن متى؟ إذا ما أيقنت هذه الأسرة أنها سوف تقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، لكن إذا غفلت -نعوذ بالله- كثر الظلم، وكثر البهتان، وكثرت الإساءة إلى الجيران، وكثرت الخصومات، وشهادة الزور، وكثر أكل الربا والحرام وغير ذلك من الفسوق والعصيان.
ولهذا فإن من الواجب أن توقن أن الأسرة يجب أن تربى على الإيمان باليوم الآخر، وتدرس الدروس اليومية أو الأسبوعية على الإيمان باليوم الآخر، ولدك الصغير ذكره دائماً بالإيمان باليوم الآخر، ذكره بالإيمان بالله، حتى أشراط الساعة، كان السلف رحمهم الله تعالى يعلمون أطفالهم ويربونهم على تعليمهم لأشراط الساعة؛ لأن أشراط الساعة تحث الناس إلى ما بعد أشراط الساعة، اجلس مع أولادك، وقص عليهم ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم مما سيأتي في آخر الزمان، قص عليهم قصة الدجال، وقصة نزول عيسى بن مريم، وقصة الدابة، وقصة يأجوج ومأجوج، قص عليهم ما بعد ذلك من القيامة والحساب والجزاء، ذكرهم بالله، فإذا استيقظت الأسرة وتيقظت في هذا المعنى العظيم تحولت موازينها، وانقلبت من موازين مادية جاهلية قريبة إلى موازين أعلى وأسمى يرجون فيها ما عند الله سبحانه وتعالى.
ومن هنا أيها الإخوة في الله! كان لا بد من بيان هذا الأصل العظيم، وتربية الأسرة عليه، ينبغي أن تكون المناهج مركزة على الإيمان باليوم الآخر وتفاصيله، فمن المؤسف حقاً أن كثيراً منا وكثيراً من أسرنا لا يعلمون تفاصيل ما يجري في اليوم الآخر، لو جئت إلى شخص وقلت له: ماذا يحصل في اليوم الآخر؟ لقال لك: يحصل حساب وجزاء، ويوجد حوض وصراط، لكن ما تفاصيل ذلك؟ خروج الناس من قبورهم كيف يكون؟ اجتماعهم للمحشر الشفاعة العظمى دنو الشمس من العباد الحساب وكيف يتم الحساب؟ يجتمع الخلائق من أولهم إلى آخرهم بين يدي الله للحساب، ثم يحاسب الله كل واحد لوحده، ويحاضره محاضرة ما يظن أن الله يحاسب أحداً غيره.