للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمور تنافي حقيقة التوحيد أو كماله]

بعد تلك الفقرات المتعلقة بمعنى تحقيق التوحيد، ومعنى (لا إله إلا الله)، ومعنى الشرك وأنواعه باختصار، ننتقل إلى الموضوع الثالث المتعلق بموضوعنا، ألا وهو (أمور تنافي حقيقة التوحيد أو كماله) ابتلي فيها كثير من الناس، ومن ذلك: التمائم فإن مما اشتهر عند بعض الناس -خاصة في بعض البلاد الإسلامية- تعليق التمائم التي يضن أن تعليقها يحمي هذا الإنسان، أو هذا الطفل من العين أو من الجن أو من المرض أو غير ذلك، ولهذا ورد عن عقبة بن عامر الجهمي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط، فبايع تسعة وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله! بايعت التسعة وتركت هذا؟ قال عليه الصلاة والسلام: إن عليه تميمة) فهجره صلى الله عليه وسلم ولم يبايعه.

قال الراوي: (فأدخل يده فقطعها فبايعه، فقال عليه الصلاة والسلام: من علق تميمة فقد أشرك) رواه الإمام أحمد، والحديث صحيح.

والتمائم خرزات أو نحوها تعلق على صدور الأولاد أو في أكتافهم أو في أيديهم يتقون بها العين، ويدخل في هذه التمائم بعض الخرزات التي يضعها بعض السائقين على المرآة في السيارة ونحوها، ويظنون أنها تقيهم الصدام أو الحوادث أو غير ذلك.

وبعضهم قد يضع نعلاً في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها لهذا السبب، وبعضهم -كما أخبرني بعض الإخوة- يعلق شيئاً من ذلك في دكانه يطلب به الرزق، أو يتقي به عين الذي يمر عليه.

ومن ذلك أيضاً اعتقاد بعض الناس أنه إذا أمسك عنده ذئباً أو قطعة من جلده أو نحو ذلك أن هذا يمنع الجن عنه، فهذه من الأمور التي اشتهرت عند كثير من الناس، وبعضهم يتساهل فيها، وهي إما أن تكون من الشرك الأكبر إن اعتقد فيها أنها هي التي تنفع وتضر من دون الله تبارك وتعالى، أو أنها تكون من الشرك الأصغر إذا اعتقد أنها سبب.

ولهذا انتشر هذا الأمر حتى عند كثير من الصوفية، وما أكثر الشركيات عند كثير من الصوفية، حتى يقول صاحب (دلائل الخيرات) وهو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، يقول في سجعه: اللهم! صل على محمد وعلى آله محمد ما سجعت الحمائم، وحامت الحوائم، وسرحت البهائم، ونفعت التمائم! فكأن قضية نفع التمائم تنفع كل يوم وكل دقيقة مثلما تسرح البهائم أو مثلما تسجع الحمائم وغير ذلك، وكأن هذا الأمر مسلم عنده.