للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة خضوع العقل في الغيبيات للكتاب والسنة]

ودعوني أضرب لكم مثالاً: الأمر الغيبي الذي لا يمكن أن نعلمه كيف نستطيع أن نعلمه؟! لو جاءنا واحد الآن ووقف أمامنا وقال: يا جماعة في شيء اسمه سكنجبين ما هو؟ وبدأنا نشغل عقولنا فجاء واحد وقال: السكنجبين عصارة، وقال الثاني: السكنجبين شتلة تباع في جنوب أفريقيا، وقال الثالث: السكنجبين هذا نوع من القماش يصنع في اليابان، وقال الرابع: السكنجبين هو نوع من السيارات، وقال الخامس: السكنجبين: لعبة أطفال بلاستيكية، وهكذا.

هل سننتهي إلى نتيجة؟ لن ننتهي إلى نتيجة؛ لأن هذا أمر غيبي، ما هو الحل السليم؟ الحل السليم أن نأتي للخبير الذي عنده علم ونقول له: ما هو السكنجبين؟ سيقول: هو مركب دوائي من مجموعة من الأشياء كان معروفاً عند القدماء اسمه السكنجبين.

انتهى الإشكال.

الآن لو جئت إلى المناهج الفلسفية والكلامية مثلاً لوجدت أنه يريد أن يفسر ظواهر غيبية ما شاهدها بتفسيرات عقلية ومناهج كلامية، والله يقول: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف:٥١].

لهذا تجد الفيلسوف مثلاً يمضي عشرات السنين وهو يبحث عن علم ما بعد الطبيعة وما وراء الطبيعة، هل هناك إله أو ليس هناك إله؟ وكيف تم الخلق؟ ومتى وجد الخلق؟ إلى آخره، ثم ينتهي به الأمر بعد ستين أو خمسين عاماً إلى نتيجة واحدة، ألا وهي: أن هذا الكون معلول لابد له من علة، ولابد له من صانع.

نقول: بعد خمسين سنة تنتهي إلى هذه النتيجة؟ هذه النتيجة يعرفها الصغار منا، فهم يعرفون أن هذا الكون لابد له من خالق، ولذا فنحن نقول: إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يبدءون من حيث ينتهي الفلاسفة، الفلاسفة ينتهون إلى إثبات أن هذا الكون لابد له من خالق يسمونه صانعاً، الأنبياء يقولون: أنتم مفطورون على أنه لابد له من صانع فاعبدوا هذا الصانع.