للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لا يشترط في مواجهة أعدائنا أن نكون على مثل قوتهم]

إن مواجهة هذه الحرب المتنوعة تحتاج منا إلى أمور، وحتى لا يتشعب بنا الكلام فأحب أن نركز على أمرين: أما الأول منهما فهو أن نعلم أنه ليس من شرط انتصارنا على أعدائنا وعلى حربهم الفكرية والعقدية وغيرها ليس من شرط ذلك أن نكون مثلهم في القوة، فلا ينبغي لقائل من المسلمين أو الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى أن يقول: إننا لن ننتصر على أعداء الله في الشرق والغرب حتى نكون مخترعين للأطباق والصواريخ والكمبيوتر وغيرها، لنكون مثل العدو، حتى نحاربهم بمثل ما هم يفعلون.

نحن لا ننتظر هذا، ولم نكلف بهذا، وهذا من رحمة الله بنا.

أتدري ما الذي كلفنا به؟! لم نكلف بأن نكون مثل عدونا في القوة، يقول تبارك وتعالى للمؤمنين: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:٦٠].

فالمطلوب من المسلمين أن يعدوا ما استطاعوا، ولو كانت مقدرتهم العَددية والعُديَّة محدودة، فالواجب عليهم مع الإيمان والإخلاص أن يعدوا ويأخذوا بالأسباب المادية بما استطاعوا فقط، ونحن نعلم أنه في تاريخ المسلمين منذ عهد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما رأينا مواجهة بين المسلمين وأعدائهم كان المسلمون فيها مثل عدوهم أو أكثر، بل كل معاركهم -تقريباً- كان المشركون فيها أكثر من المسلمين أضعافاً مضاعفة، وكانت نتائج ذلك كله -تقريباً- أن الله ينصر عباده المؤمنين.

إذاً ونحن نشاهد هذه الوسائل ينبغي أن لا نيأس، ينبغي أن لا يصيبنا رعب من هذه الوسائل لنعلن أن العدو مسيطر، ولم يبق لنا إلا أن نستسلم له.

نقول: لا وألف لا! نحن مسلمون أكرمنا الله بالإسلام، فإذا توكلنا عليه واعتصمنا به وأخذنا بالأسباب ولو كانت قليلة؛ فإن الله تبارك وتعالى ناصرنا وراد عنا كيد الكائدين، والله تبارك وتعالى يقول -ومن أصدق منه قيلاً وحديثاً-: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:٥١]، ويقول سبحانه وتعال موجبا ًعلى نفسه شيئاً لا يجب عليه لكنه أوجبه على نفسه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧].

فنحن إذا تمسكنا بديننا وأخذنا بما استطعنا من وسائل في الدعوة إلى الله، في رد كيد الكائدين، وفي تبصير الناس بدينهم، وفي مقاومة هذا الغزو الفكري والأخلاقي، وفي مقاومة العدو بمختلف الوسائل، متى ما أخذنا نحن -المسلمين- بهذه الوسائل مع اعتمادنا وإخلاصنا وتوكلنا على ربنا سبحانه وتعالى فلنعلم أن سنة أن الله ينصر عباده المؤمنين ولو كانوا أقل عدداً وعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>