للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بمن يناط التكليف]

إن الطفل -وكل منا نشأ طفلاً- له ثلاثة أطوار: طور يكون فيه خلواً من المسئولية، تجري عليه أحكام الله القدرية القهرية، لا شأن له ولا لأمه ولا لأبيه، وهذا يكون وهو في بطن أمه حين ينتقل من نطفة إلى علقة إلى مضغة، ثم يكون خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين.

ثم يأتي الطور الثاني: وهو طور خروجه من بطن أمه إلى دار التكليف، فهنا تتعلق به الأحكام الشرعية، لكن قبل البلوغ لعدم قدرته على تحقيقها يخاطب بها الأبوان، فهما المسئولان عن هذا الطفل؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة) أي: فطرة الإسلام (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)؛ إذاً: الأطفال هم مسئولية الأبوين؛ فليتقوا الله سبحانه وتعالى في أطفالهم.

ثم يأتي الطور الثالث: وهو طور البلوغ، أي: بلوغ سن الرشد، وحصول التكليف، فحينئذٍ تتعلق التكاليف بهذا الإنسان مباشرة دون واسطة والديه.

إن مسئولية الأسرة -أيها الإخوة- إنما تقع أساساً على عاتق الأب، فهو أبو الأسرة وربها، وهو المسئول عنها، وهذا بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (كلكم راع وكلكم مسئول عن راعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته) إلى آخر الحديث.

إذاً: الأب هو الذي يتحمل المسئولية؛ وبهذا يتحقق نظام يمكن ضبطه؛ لأن التربية -ولو كانت تربية عقدية مؤصلة- لا تأتي إلا من خلال منهج مضبوط أسري، وإلا فسوف تتحول الأمور إلى فوضى، كما نشاهد في بلاد الغرب، وفي غير بلاد الغرب، لكن حينما تضبط الأسرة يتحول تكوينها ونظامها التربوي إلى وضع قابل للتربية والتوجيه حسب المنهج الذي يراد لها، فإذا كانت على هذه الحالة، وجاءت العقيدة الصافية الصريحة على منهاج السلف الصالح، وربيت عليها الأسرة، فإنه والحالة هذه تنشأ أسرة متكاملة عظيمة التأثير في حياة المجتمع وحياة الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>