ثانياً: أن الإيمان بالقضاء والقدر يدفع الإنسان ويدفع الأمة إلى العمل، وليس كما يظن الناس أن الإيمان بالقضاء والقدر يدفع الإنسان إلى الكسل، لا، بل الحاصل هو العكس تماماً، فالعمل والسعي مأمور به، والمؤمن هو الذي يعلم أنه لابد أن ينازع الأقدار بالأقدار، فهو يسعى ويعمل، لكنه يختلف عن غيره بأنه يسعى ويعمل وهو مرتاح الضمير، فلا يحزن ولا يغضب إذا فاته شيء، بخلاف غير المؤمن فإنه يتحسر على كل شيء يفوته وهو يطلب رزقه مثلاً.
فإذاً الإيمان بالقضاء والقدر يجعل الأمة تعمل وهي تعلم أنها إنما تعمل على وفق قضاء الله وقدره، فهي تعمل مع الإيمان بالقضاء والقدر، ولهذا تجد النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وهو في صحيح مسلم:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا.
قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان).
فهل تأملت كيف أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله؟ إنَّ المؤمن القوي هو القوي في إيمانه، القوي في الخير، القوي في نفع الناس، القوي في العمل، يعمر الأرض ويعمر الكون، وهو مؤمن مصدق بقضاء الله وقدره، لكنه لا يحزن إذا فاته شيء أو لم يقع هذا الشيء الذي أراده، لا يحزن ولا يكون كبعض الناس يقول: لو أني فعلت كذا كان كذا ويتحسر؛ لأن (لو) تفتح عمل الشيطان.