المسألة الرابعة: ينبغي أن نعلم أن التوكل أنواع: النوع الأول: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى، من جلب النفع ودفع الضر، والنصر، والشفاء، وغير ذلك من الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى، فيجب على العبد أن يتوكل على الله وحده في هذه الأمور كلها، ومن توكل على غيره فيها فقد نقص توحيده، وربما وقع في الشرك الأكبر.
من اعتقد أن ولياً من الأولياء ينفع ويضر أو يشفي مريضاً، كما يفعل القبوريون وغيرهم الذين يعتقدون في الأولياء من أهل القبور -وأحياناً من غيرهم- يعتقدون أن هؤلاء ينفعون أو يضرون، فإذا مرض قريبه أو زوجته، وإذا قل ماله أو ركبه الدين، وإذا أصابه المرض تجد هذا الإنسان يقول: يا فلان! اشف مريضي يا شيخ! ارزقني.
فيدعو غير الله سبحانه وتعالى، فهذا توكل تام على غير الله، وهو من الشرك الأكبر الذي يخرج الإنسان من الملة، وينبغي أن نعلم أن الإنسان لا يتوكل على غير الله في هذا الأمر إلا وقد وقر في قلبه أن ذلك الشيء فيه نفع وضر، وأن عند هذا الشخص الذي توكل عليه سبب خفي لأجله اعتمد وتوكل عليه، وهذه مسألة ينبغي أن ننتبه لها، وأن ننبه إخواننا المسلمين في كل مكان عليها؛ لأن تعلق القلب بغير الله سبحانه وتعالى في هذه الأمور معناه أن الإنسان اعتقد فيها وعبدها من دون الله سبحانه وتعالى، فتوكل العبادة لا يصرف إلا لله، فإن صرف لغير الله كان شركاً.