والتوكل على الله سبحانه وتعالى من أعظم ثمراته أنه يزيل عن النفس الخوف والرعب، ومن توكل على غير الله أصابه الله بالخوف والرعب، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فالقلب لا يتوكل إلا على من يرجوه، فمن رجا قوته أو عمله أو علمه أو حاجة أو صديقاً أو قرابته أو شيخه أو ملكه أو ماله غير ناظر إلى الله كان فيه نوع من التوكل على ذلك السبب، وما رجا أحد مخلوقاً أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه.
فقف عند هذه الكلمة أيها الأخ المسلم! ما رجا أحد مخلوقاً وتوكل عليه إلا كانت النتيجة عكسية، خاب ظنه فيه فينقلب عليه.
قال: إلا خاب ظنه فيه، فإنه مشرك والحالة هذه، والله سبحانه وتعالى يقول- هكذا يقول شيخ الإسلام -: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج:٣١]، وكذلك المشرك يخاف المخلوقين ويرجوهم فيحصل له رعب، كما قال تعالى:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}[آل عمران:١٥١]، ومن أخلص قلبه من الشرك هو الذي يحصل له الأمن، كما قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:٨٢]، والظلم هنا فسره النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه الصحابة وقالوا:(يا رسول الله! أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذلك الشرك، ألم تسمعوا إلى العبد الصالح -يعني: لقمان- حينما قال:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:١٣])، فالذي لم يلبس إيمانه بظلم -أي: بشرك- له الأمن، وعكسه له الرعب والخوف، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.