للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العدل]

الصفة الرابعة: العدل.

والعدل ورد به القرآن، فجاء مرة بالأمر بالعدل، وجاء مرة باسم الميزان، ومرة باسم القسط، وهذا كله لبيان أن العدل مهم جداً، وهذه صفة برزت وظهرت في عامة أهل الإسلام رحمهم الله تعالى، فتجد عدل الأمراء، ومن منا يجهل عدل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، الذي كان يعدل في كل أمر من أموره، وعدل بقية الخلفاء الراشدين، وعمر بن عبد العزيز وغيره، وعدل أئمة أهل السنة، تجد الواحد منهم يتمثل بهذه الصفة في جميع أحواله حتى مع أقرب الناس إليه.

ففي باب الولاء والبراء -مثلاً- تجده عادلاً، نحن الآن نظراً لأن أخلاقنا مهلهلة نجدنا في باب الولاء والبراء لا نعدل مع الآخرين، فنوالي هذا في الله ونعادي هذا في الله، فنحن مع أقربائنا وأبناء عمومتنا وأولادنا تقودنا العواطف والعلاقات وغيرها، فقد نوالي من لا يستحق الولاء، وقد نعادي من يستحق الموالاة، وكم من شخص تجده بين أقربائه يرحب به ويوسع له في المجالس، ويستقبل إذا جاء، ويودع إذا سافر، وتذبح له الولائم ويحترم ويقدر، ومع ذلك هو من الذين لا يصلون لله ركعة، هل يعقل هذا؟! أين الولاء والبراء؟ تجد هذا الشخص نظراً لأمور وأمور يختلف عندهم المقياس في التعامل معه.

وإنما ضربت بهذا المثل لأن العدل في أمور كثيرة، سواء أكان مع الرعية أم في الإنفاق أم في غير ذلك، ولذلك تجد أن كثيراً من الأئمة من خوفهم أن لا يوفوا العدل حقه يستعيذون ويفرون من القضاء، وإلا فالقاضي العادل والإمام العادل إذا اتقيا الله ما استطاعا فإن الله سبحانه وتعالى لا يحرمهما الأجر المضاعف.

ينبغي أن نعلم أن العدل ليس معناه المساواة في كل شيء، وإنما العدل أن تعطي كل ذي حق حقه، والله سبحانه وتعالى فضل المجاهدين على القاعدين بقوله: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى الآية} [النساء:٩٥].

وكذلك كل من كان في باب الولاء والبراء أقرب إلى الله وأتقى لله فإنك تزيده أنت ولاءً ومحبةً في الله، ومن كان أقل فقد يقل عندك الولاء والمحبة له.