ينبغي أن نعلم جميعاً أن الذين يجب أن يبغضوا في الله قسمان: أحدهما: من يجب على العبد أن يبغضهم بغضاً تاماً، حتى ولو أحسنوا إليه أو أحسن إليهم لسبب من الأسباب، وهؤلاء يجمعهم الكفار من المشركين والملحدين، ومن اليهود والنصارى ومن المرتدين ومن المنافقين وغيرهم، فهؤلاء جميعاً يجب بغضهم بغضاً تاماً، ولا تجوز موادتهم ولا محبتهم؛ فإن الله تعالى يقول:{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ}[المجادلة:٢٢]، وهذا نفي عام يدل على أن المؤمن الصادق لا يكون في قلبه مودة لهؤلاء الكفار أبداً، ولو كان الكافر أباً أو أماً أو أخاً لك أو جاراً أو قريباً أو غير ذلك.
وهذا الأمر مما وقع الخلط فيه في أزمنتنا المتأخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله، واختلت فيه بعض الموازين، حتى رأينا بعض الناس يحب الكفار لأسباب تافهة، فقد يحبهم لأجل الكرم، وقد يحبهم لأنهم نصروه في يوم من الأيام لأجل أهدافهم ومصالحهم، وهذا مما ينبغي أن ينتبه له الجميع، فإن الكفار تجب معاداتهم مهما كان بيننا وبينهم من مصالح، ومن حوار بين الأديان الذي يدعو إليه أعداء الله، وربما يخدع فيه من يخدع من المسلمين المغترين في هذا العصر الحديث، فإن اليهود والنصارى هم كفار، فكيف يأتي الإنسان ليجلس في حوار معهم؟! والحوار معناه أن نجعل الإسلام واليهودية المحرفة والنصرانية المحرفة على طبق واحد ننظر في فضائلهم جميعاً ونجتمع عليها! وأنى يكون لعباد عزير والصليب ولإخوان القردة والخنازير وللكفار بالله تبارك وتعالى محبة، ومن الجرأة أن يجعل المسلم هؤلاء الكفار مع أهل الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه.
القسم الثاني مما يبغض في الله: من يبغضون بغضاً ليس كاملاً، وهؤلاء هم المؤمنون الذين يقعون في فسق أو في بدعة غير مكفرة، فهؤلاء لهم محبة عامة؛ لأنهم مسلمون، ولكن يجب بغض ما عندهم من فسق أو بدع، وهذا أيضاً مما وقع فيه الخلل عند بعض الناس، فإنهم قد يحبون الفساق أو أهل البدع؛ نظراً لأنهم غير كفار، ونحن نقول: لابد من ميزان الحق في هذا.
فالواجب عليك أن تحبهم محبة عامة؛ لأنهم مسلمون مؤمنون بالله، لكن لا يجوز لك أن تحبهم محبة كاملة بحيث تجعلهم سواسية مع المؤمنين المتقين؛ بل يجب أن تبغض ما فيهم من فسق أو بدعة أو فجور، أن تبغض هذا في الله تبارك وتعالى.
وبتحقيق هذا الأصل -البغض في الله- يكتمل الأصل الأول الذي تحدثنا عنه سابقاً، وهو الحب في الله.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلني وإياكم من المتحابين في الله، وأن يعيذني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.