ومن الدروس أيضاً قول كعب بن مالك في قصة تخلفه:(حتى تنكرت لي الأرض فما هي بالتي أعرف)، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: هذا التنكر يجده الخائف والحزين والمهموم في الأرض، وفي الشجر والنبات، حتى يجده فيمن لا يعلم حاله من الناس، ويجده أيضاً المذنب العاصي بحسب جرمه، حتى في خلق زوجته وولده وخادمه ودابته، ويجده في نفسه أيضاً، فتتنكر له نفسه حتى ما كأنه هو، ولا كأن أهله وأصحابه ومن يشفق عليه بالذين يعرفهم، وهذا سر من الله لا يخفى إلا على من هو ميت القلب، وعلى حسب حياة القلب يكون إدراك هذا التنكر والوحشة.
فالمؤمن الصادق هو الذي إذا وقع في المعصية أحس بالذنب وتنكرت له نفسه وأحس بالوحشة، ولا ترجع له نفسه إلا بتوبة صادقة وعمل صالح.