[كلامه في أصول العقائد]
قال الإمام أحمد بن حنبل: كان الشافعي إذا ثبت عنده الحديث قلده، وخير خصائله لم يكن يشتهي الكلام، إنما همته الفقه.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت الربيع قال: أخبرني من سمع الشافعي، يقول: لأن يلقى الله المرء بكل ذنب، خلا الشرك بالله تبارك وتعالى، خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء، ورواه غير واحد عن الربيع، أنه سمع الشافعي يقول ذلك.
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت الشافعي، يقول: لو علم الناس ما في الكلام في الأهواء، لفروا منه، كما يفر من الأسد، وقال أبو ثور وغير واحد عن الشافعي، رحمه الله، أنه قال: حكمي في أصحاب الكلام أن يطاف بهم في القبائل، وينادي عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام.
قال أبو نعيم بن عدي، وغيره: قال داود بن سليمان، عن الحسين بن علي، سمع الشافعي، يقول: حكمي في أهل الكلام: حكم عمر في صبيغ.
وقال البويطي: سمعت الشافعي، يقول: عليكم بأصحاب الحديث، فإنهم أكثر الناس صوابا , وعن الشافعي، قال: إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث، فكأنما رأيت رجلا من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، جزاهم الله خيرا، حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا الفضل.
وقال محمد بن إسماعيل: سمعت الحسين بن علي الكرابيسي، يقول: قال الشافعي: كل متكلم على الكتاب والسنة فهو الجد، وما سواه فهو هذيان.
وعن الشافعي، رضي الله عنه، أنه أنشد:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ... إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
وقال ابن خزيمة: سمعت الربيع، يقول: لما كلم الشافعي حفصا الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق، فقال له الشافعي، رضي الله عنه، كفرت بالله العظيم.
ورواه ابن أبي حاتم، عن الربيع: حدثني من أثق به، وكنت حاضرا في المجلس، فقال حفص الفرد: القرآن مخلوق، فقال الشافعي: كفرت بالله العظيم.
وقال البيهقي: أخبرنا الحاكم: أخبرني أبو الفضل بن أبي نصر العدل، حدثني حمك بن عمرو العدل، حدثنا محمد بن عبد الله بن فورش، عن علي بن سهل الرملي، أنه قال: سألت الشافعي، رضي الله عنه، عن القرآن، فقال: كلام الله غير مخلوق.
قلت: فمن قال بالمخلوق، عما هو عندك؟ قال لي: كافر بالله، وقال الشافعي، ما لقيت أحدا منهم، يعني: من أستاذيه، إلا قال: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر.
وقال الربيع: سمعت الشافعي، يقول في قول الله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥] ، علمنا بذلك أن قوما غير محجوبين ينظرون إليه، لا يضامون في رؤيته، كما جاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ترون ربكم كما ترون الشمس، لا تضامون في رؤيتها» .
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: سمعت أبا محمد، جعفر بن محمد بن الحارث، يقول سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد بن الضحاك، المعروف بابن بحر، يقول: سمعت أبا إسماعيل بن يحيى المزني، يقول: سمعت ابن هرم، يعني: إبراهيم بن محمد بن هرم، وكان من علية أصحاب الشافعي، يقول: سمعت الشافعي، يقول في قول الله، عز وجل: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥] ، فلما حجبهم في السخط كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرضا، فقال له أبو النجم القزويني: يا أبا إبراهيم، به تقول؟ قال: نعم، وبه أدين الله، فقام
إليه عصام فقبل رأسه، وقال: يا سيد الشافعيين، اليوم بيضت وجوهنا.
وقد روي من غير وجه عن الشافعي نحوه.
وقال ابن خزيمة: أنشدنا المزني، قال: أنشدنا الشافعي، لنفسه:
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن
ورواه البيهقي، عن عبد الرحمن السلمي: سمعت أحمد بن محمد بن مقسم، أخبرني بعض أصحابنا، أخبرني المزني، قال: دخلت على الشافعي في مرضه، الذي مات فيه، فأنشدني لنفسه، فذكر هذه الأبيات.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني الزبير بن عبد الله بن عبد الواحد الحافظ، حدثنا أبو أحمد حامد بن عبد الله المروزي، حدثنا عمران بن فضالة، حدثنا الربيع بن سليمان، قال: سئل الشافعي عن القدر، فأنشأ يقول: وذكرها.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: سمعت حرملة بن يحيى، قال: اجتمع حفص الفرد، ومصلان