المذهب وساد وناظر، ورحل إلى خراسان، وناظر علماءها وتقدم، وكان رئيسًا كريمًا جوادًا حسن الأخلاق، باشر تدريس النظامية ببغداد، وفي سنة تسع عشرة وست مائة ولاه الخليفة الناصر لدين الله قضاء القضاة ببغداد، فلما ولي ولده الظاهر سنة اثنتين وعشرين عزله بعد شهر، فلزم بيته ثمانية أشهر في فقر وفاقة، لأنه لم يكن يدخل شيئًا، ثم ولي نظر البيمارستان، وعزل بعد ستة أشهر، ثم ولي ديوان الجوالي، ثم ولي مدرسة أم الخليفة الناصر لدين الله، وذهب رسولًا إلى الروم، وولي تدريس المستنصرية في رجب، فباشرها إلى شوال من عام
إذ توفي، وذلك سنة إحدى وثلاثين وست مائة عن ثلاث وستين سنة، فاجتمع الناس لجنازته وكان أمرًا عظيمًا، وحملوه وازدحموا على نعشه، رحمه الله، سمع الحديث من أصحاب ابن بيان، وأبي طالب الزينبي.
[محمد بن يحيى بن مظفر بن علي بن نعيم القاضي العالم أبو بكر البغدادي المعروف بابن الحبير الشافعي]
تفقه أولًا على مذهب الإمام أحمد علي بن المثنى، ثم انتقل إلى مذهب الإمام الشافعي على المجير وغيره، فبرع فيه ونال منه منالًا كبيرًا، وصار بصيرًا بدقائقه دينا خيرًا كثير التلاوة والحج صاحب ليل وتهجد، وكانت له يد طولى في الجدل والمناظرة، وناب في القضاء عن أبي عبد الله بن فضلان، ثم ولي تدريس النظامية في سنة ست وعشرين وست مائة، وقد سمع الحديث من شهدة، وعبد الله بن عبد الصمد السلمي، ومحمد بن نسيم العيسوني، وشيخه أبي الفتح بن المثنى وغيره، توفي في سابع شوال سنة تسع وثلاثين وست مائة.