[محمد ابن السلطان الملك الكامل ابن السلطان الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب بن شاذي أبو المظفر وأبو المعالي صاحب مصر]
مولده سنة خمس أو ست وسبعين وخمس مائة، ولما أخذ أبوه الديار المصرية بعد الملك العزيز أعطاها له فحكم فيها في حياة أبيه وبعد وفاته بأربعين سنة، وكان شهمًا عاقلًا لبيبا محبًا للعلماء، بنى دار الحديث الكاملية بمصر، وعقد قبة عظيمة على ضريح الشافعي رحمه الله، ووقف أشياء كثيرة على البر والصلات وكان عادلًا في أحكامه وقضاياه مع عسف وجبروت، اشتكى عليه مهتار أن أستاذه استخدمه ستة أشهر ولم يعطه أجره، فأنزل أستاذه عن فرسه وألبسه أثواب المهتار، وأمر المهتار فلبس ثياب الجندي ورسم أن يخدمه الجندي ستة أشهر كما خدمه المهتار، وكان مع ذلك قد ضيق على الفرنج وأذلهم
برا وبحرًا، وأقام بدمياط مرابطًا نحوًا من ثلاث سنين وفي ذلك يقول البهاء زهير:
بك اهتز عطف الدين في حلل النصر ... وردت على أعقابها بلد الكفر
وأقسم أن ذاقت بني الأصفر الكرى ... لما حكمت إلا بأعلامك الصفر
ثلاثة أعوام أقمت وأشهر ... تجاهد فيهم لا بزيد ولا عمرو
وليلة نفر العدو رأيتها ... بكثرة من أديته ليلة النحر
فيا ليلة قد شرف الله قدرها ... فلا غزو أن سميتها ليلة النحر