وقال ابن النجار: كان شيخ وقته في علم الحقيقة، وانتهت إليه الرياسة في تربية المريدين، ودعاء الخلق إلى الله تعالى، قرأ الفقه والخلاف والعربية، وسمع الحديث ثم انقطع ولازم بيته وداوم الصوم والذكر والعبادة إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم عليهم، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على دجلة، وحضر عنده خلق عظيم، وأظهر له قبول من الخاص والعام واشتهر اسمه وقصد من الأقطار، وظهرت بركات أنفاسه في توبة العصاة، ورأى من الجاه والحرمة عند الملوك ما لم يره أحد، ونفذ رسولًا إلى ملوك البلدان، قلت: وحصل له أموال فلم يتملك منها شيئًا ومات ولم يترك كفنًا، رحمه
الله، وكانت وفاته في أول ليلة من محرم سنة ثنتين وثلاثين وست مائة ببغداد، ومن حسن الكلام ما جرى بينه وبين الملك الأشرف موسى بن العادل رحمهما الله فيما حكاه الأحرف، قال الشيخ شهاب الدين السهروردي: يا مولانا تتبعت جميع النسخ بكتاب الشفاء لابن سينا من الخزائن فحرقتها، ثم ذكر في أثناء كلامه أنه حصل لأهل بغداد في هذه السنة مرض شديد كثير، فقلت: وكيف لا وقد أذهبت عنهم الشفاء وهذا يدل على لطافة طبع السلطان وذكائه وقدرته على التعبير وديانة الشيخ، رحمهما الله.
[عمر بن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه العلامة الرئيس عماد الدين]