[فصل في رحلة الإمام الشافعي، رضي الله عنه، إلى الديار المصرية، ووفاته بها]
قد تقدم أنه، رحمه الله، قدم العراق ثلاث مرات، الأولى في سنة أربع وثمانين ومائة، وذلك بسبب مرافعة نائب اليمن فيه، وفي أقوام معه، فدخل الشافعي، رضي الله عنه، على الرشيد مقيدا في الحديد، فلم يزل يخاطبه حتى تبين براءته مما نسب إليه من التشيع والخروج مع أهل البيت، وكان قد قذفه بذلك بعض الجهلة لحاله وإمامته، ثم أحسن إليه الرشيد وأطلق له قريبا من خمسة آلاف دينار كما تقدم، ثم رجع إلى الحجاز، ثم عاد إلى بغداد في سنة خمس وتسعين فاجتمع بأحمد بن حنبل، وأضرابه في ذلك الزمان، ثم عاد إلى الحجاز، وقد اشتهر ذكره ببغداد وغيرها، ثم رجع إليها في سنة ثمان وتسعين،
ثم حسن في رأيه المصير إلى الديار المصرية فسافر إليها على طريق الشام، ويقال: إنه اجتاز بحران وأنه دخل بيت المقدس، وأما دمشق فلم أر أحدا ذكر أنه وردها، والحافظ أبو القاسم ابن عساكر مع تحريره، وكثرة إطلاعه، ترجم للشافعي، رضي الله عنه، في التاريخ لمروره في الشام إلى الديار المصرية، ولم يقع له أنه دخل دمشق وهذا عجيب، وقد زعم أنه دخل مصر مرتين، المرة الأولى على طريق الشام من العراق أيام محمد بن الحسن، والثانية من مكة صحبه عبد الله بن الزبير الحميدي، وفي هذا نظر، والله أعلم، وإنما حمله على هذا ما رواه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي