يوما مشهودا وحزنا شديدا على أهل البلد، وأغلقت فيه الأسواق، ولبس غلمانه البلاسات، وجاء نساؤهم يندبن على باب القلعة، وكان موته
أمرا هائلا، ودفن بالقلعة حتى فرغ من تربته التي بالكلاسة بعد أربعة أشهر، ثم نقل إليها، رحمه الله تعالى، وذكر بعض الصالحين أنه رآه بعد موته وعليه ثياب خضر، وهو يطير مع الأولياء، فقلت: إيش تعمل مع هؤلاء وأنت كنت تفعل وتصنع؟ فتبسم وقال: الجسد الذي كان يفعل تلك الأفاعيل عندكم، والروح التي كانت تحب هؤلاء صارت معهم، قلت: مصداقه في الحديث الصحيح: «المرء مع من أحب» .
[موسى بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك العلامة كمال الدين أبو الفتح الموصلي الشافعي]
أحد المتبحرين في العلوم المتنوعة، قيل: إنه كان يتقن أربعة عشر علما، تفقه بالنظامية على معيدها السديد السلماسي في الخلاف والأصول والعربية، وبالموصل على يحيى بن سعدون، وببغداد على الكمال عبد الرحمن الأنباري، وتميز وبرع في العلم ورجع إلى الموصل، فأقبل على الدرس والاشتغال حتى اشتهر اسمه وبعد صيته، ورحل إليه الطلبة وتزاحموا عليه، قال القاضي ابن خلكان: كان يقرأ عليه الحنفيون كتبهم، وكان يحل الجامع الكبير حلا حسنا، قال: وكان يقرأ عليه أهل الكتاب التوراة والإنجيل، فيقرون أنهم لم يسمعوا بمثل تفسيره لهما، قال: وكان إذا خاض معه ذو فن توهم