وساد وتقدم وصار رئيس الأصحاب، وقدم بغداد بها وحصل له قبول تام في العامة والخاصة، وكان يتكلم يومًا وابن الجوزي يومًا، ويحضر مجالسهما أمير المؤمنين المستضيء بأمر الله من وراء الأستار، وتحضر الخلائق والأمم، وكان فصيحًا بليغًا مفوها حلو المنطق حسن السمت كثير العبادة والصيام والتلاوة كثير الذكر قليل المأكل، وقد ولي تدريس النظامية ببغداد سنة تسع وستين إلى سنة
ثمانين ثم عاد إلى بلده.
قال ابن النجار: وكان رئيس أصحاب الشافعي إمامًا في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ وحدث بالكتب الكبار بصحيح البخاري ومسلم، ومسند إسحاق بن راهويه، وتاريخ نيسابور، والسنن الكبرى للبيقهى، ودلائل النبوة، والبعث والنشور له أيضًا، وأملى مجالس كثيرة، وسمع الكثير من أبيه، ومن أبي عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، وعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، وجماعة ببغداد والطايران وغير ذلك من البلاد، وحدث عنه ابن الدبيثي وأثنى عليه، والموفق عبد اللطيف، وبالغ في وصفه ومدحه أبو البقاء إسماعيل بن محمد المؤدب البغدادي حدث عنه بمسند إسحاق وغيرهم، قال ابن الدبيثي:
وزكي الدين المنذري، توفي سنة تسعين وخمس مائة، وقال ابن النجار عن ولده أبي المناقب محمد بن أحمد بن إسماعيل: إن أباه توفي في محرم سنة تسع وثمانين وخمس مائة، فالله أعلم.
أحمد بن عبد الله فخر الدين أبو العباس بن النويرة الفقيه الشافعي الواعظ