الملك المعظم قضاء دمشق، فامتنع وأصر على الامتناع، وألح عليه فتجهز بأهله إلى حلب، فلما بلغ الملك العادل بعث إليه، فترضاه وأجابه إلى الترك، وأشار عليهم بابن الحرستاني، فولوه ثم وقع بينه وبين العادل، لما أنكر عليه تضمين الخمور والمكوس، فلهذا لم يوله تدريس العادلية، ولم يكفه هذا حتى أخذ منه تدريس الصلاحية، والتقوية، ولم يبق معه سوى الجاروخية وقد كان رحمه الله فقيه زمانه، وفارس ميدانه وسابق أقرانه، حسن السمت كثير العبادة، والذكر لا يمل الشخص من النظر
لحسن وجهه، ولطافة خلقه وأدبه وعقله، أثنى عليه غير واحد من العلماء، واجتمع على تقديمه وتفضيله غير واحد من الفقهاء، وقال الشيخ أبو المظفر: كان زاهدًا عابدًا ورعًا منقطعًا إلى العلم والعبادة حسن الأخلاق قليل الرغبة في الدنيا، توفي في عاشر رجب سنة عشرين وست مائة، وشهد جنازته خلق كثير، وجم غفير، ودفن عند قبر شيخه القطب النيسابوري قريبًا من مقبرة الصوفية، وله من العمر سبعون سنة، وذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة أنه لما حضره الموت توضأ وجعل يذكر الله تعالى، فلما أزف الرحيل تشهد وقال: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، لقنني
الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي، وقد تفقه جماعة منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمهم الله تعالى.
عبد الرحيم ابن الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور بن عبد الجبار الإمام فخر الدين أبو المظفر ابن السمعاني المروزي الشافعي