أحد المبرزين تفقه بابن الخل وصحبه مدة وعرف به، وسمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر الأنصاري، وبرع في المذهب، وساد وكتب الخط المنسوب، وأدب ولدي أمير المؤمنين الناصر لدين الله، فصار له وجاهة عظيمة ببغداد إلى أن ولي تدريس النظامية في سنة إحدى وثمانين بعد أبي الخير القزويني، وتفقه به جماعة، وكتب عنه أبو بكر الحازمي وغيره، وقال الموفق عبد اللطيف: كان ذا علم وعمل وعفاف ونسك وورع، وكان ناعم العيش يقوم على نفسه وبدنه قياما حكيما، رأيته يلقي الدروس، فسمعت منه فصاحة رائعة، فقلت: ما أفصح هذا الرجل، فقال شيخنا ابن عبيد النحوي: كان أبوه عوادًا،
وكان هو معي في المكتب، وضرب بالعود، وأجاد وتحذق فيه حتى شهدوا له أنه في طبقة معبد، ثم أنف واشتغل بالخط حتى شهدوا له أنه أكتب من ابن البواب ولا سيما في الطومار والثلث، ثم أنف منه واشتغل بالفقه فصار كما ترى، وعلم ولدي الناصر لدين الله فأصلح مراتبه، وتوفي في ثامن ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمس مائة وله اثنان وثمانون سنة رحمه الله.
[محمد بن إسماعيل بن عبيدة بن ودعة البغدادي الفقيه أبو عبد الله ابن البقال الشافعي]
معيد النظامية، كان بارعًا في المذهب والخلاف، اخترمته المنية شابًا سنة ثمان وثمانين وخمس مائة.