قرأت على شيخنا الحافظ المزي: أنا أبو العز بن شيبان، أنا أبو اليمن الكندي، أنا أبو منصور القزاز، أنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أنا أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب الخطيب بدمشق، أنا محمد بن أحمد بن عثمان السلمي، ثنا محمد بن بشر الزهري بمصر، قال: سمعت الربيع بن سليمان، يقول: كنت عند الشافعي، أنا، والمزني، وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا، فقال: أنت تموت في الحديث، وقال للبويطي: أنت تموت في الحديد، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه، أو جدله.
قال الربيع: فدخلت على البويطي أيام المحنة فرأيته مقيدا إلى أنصاف ساقيه، مغلولة يداه إلى عنقه، قلت: هذا من كرامات الشافعي، وأصحابه، ومناقب البويطي، وعن الربيع، رحمه الله، قال: كان البويطي حين مرض الشافعي بمصر، هو، وابن عبد الحكم، والمزني، فاختلفوا في الحلقة أيهم يقعد فيها، فبلغ الشافعي، فقال: الحلقة للبويطي، فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم، الشافعي، وأصحابه، وكانت أعظم حلقة في المسجد , والناس إليه في الفتيا والسلطان إليه، وكان أبو يعقوب البويطي يصوم ويقرأ القرآن، لا يكاد يمر يوم وليلة إلا ختمه، مع صنائع المعروف إلى الناس، قال: فسعى به، وكان أبو بكر
الأصم، وليس ابن كيسان ممن سعى به، وكان من أصحاب ابن أبي داود، وابن الشافعي ممن سعى به، حتى كتب فيه ابن أبي داود إلى وإلى مصر فامتحنه فلم يجب، وكان الوالي حسن الرأي فيه، فقال: قل فيما بيني وبينك، فقال: إنه يقتدي بي مائة ألف ولا يدرون المعنى فيه، وكان قد أمر أن يحمل إلى بغداد في أربعين رطل حديد، قال الربيع: فرأيته على بغل في عنقه غل، وفي رجليه قيد، وبين الغل والقيد سلسلة حديد، وهو يقول: إنما خلق الخلق بكن،