الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: ٩] ؛ فلهذا استحب أصحابنا هذا الصنيع في جميع الصلوات للإمام والمأموم والمنفرد.
وكان ذا همة علية، وقدرة بليغة، وعبارة وسيعة، في حال المناظرة، قال بعض من وصفه: إنه لو شاء أن يقيم دليلا على هذه السارية التي من حجارة، أنها من خشب لفعل ذلك، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: لو رأيت الشافعي يناظرك لظننت أنه سبع يأكلك، وفي رواية، قال: كنت إذا رأيت من يناظر الشافعي رحمته.
وقال أيضا: الشافعي علم الناس الحجج، وقد صح عنه من غير وجه، أنه قال: ما ناظرت أحدا على الغلبة، وقال أيضا: ما عرضت الحجة على أحد فقبلها إلا عظم في عيني، ولا عرضتها على أحد فردها إلا سقط من عيني.
وقال الربيع، فيما رواه ابن عساكر بسند عنه سئل الشافعي عن مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يقول:
إذا المشكلات تصدينني ... كشفت حقائقها بالنظر
ولست بإمعة في الرجال ... أسائل هذا وذا ما الخبر
ولكنني مدره الأصغرين ... فتاح خير وفراج شر
ورواها أبو علي بن حمكان بسند عن المزني، أن رجلا سأل الشافعي عن رجل في فيه تمرة، فحلف بالطلاق أنه لا يبلعها ولا يرمي بها، فقال له الشافعي: يبلع نصفها، ويرمي نصفها، حتى لا يكون بالعا لها