وطبق الأرض بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاث مائة متفقه، واتفق الموافق والمخالف، على تفضيله، وتقديمه، في جودة الفقه، وحسن النظر، ونظامة العلم، رحمه الله.
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: حدثونا عنه، وكان ثقة، وقد رأيته، وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله بن المبارك، وسمعت من يذكر أنه: كان يحضر درسه سبع مائة فقيه، وكان الناس، يقولون: لو رآه الشافعي لفرح به، وحدثني الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، أنه قال: سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري من أنظر ما رأيت من الفقهاء؟ فقال أبو حامد الإسفراييني، قال الخطيب: ومات في شوال سنة ست وأربع مائة، وكان يوما مشهودا، دفن في داره، ثم نقل سنة عشر إلى باب حرب، ذكر الشيخ سليم: أن الشيخ أبا حامد في أول أمره كان يحرس في درب، فكان يطالع الدرس على زيت الحرس، وأنه أفتى وهو ابن سبع عشرة
سنة، قلت: ثم صار بعد ذلك شيخ وقته، وإمام عصره، وفريد دهره، ونسيج وحده، وصارت له الوجاهة الكبيرة عند الملوك، والخلفاء، والمناظرات التي تحيد عنها فصاحة البلغاء، والسيرة التي تقاصر عنها من بادة الأضراب النظراء حتى قال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح في حديث:«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة، من يجدد لهذه الأمة أمر دينها» : كان الشافعي في رأس الثانية، وابن سريج في الثالثة، والشيخ أبو حامد في الرابعة، فرحمه الله وأكرمه، وذكر الشيخ أبو إسحاق، وابن الصلاح: أن الشيخ أبا حامد عاد، أبا الفرج الرازي، فأنشده الدارمي حين جاءه: