وقال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: ومنهم أقضي القضاة أبو الحسن الماورردي البصري، تفقه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة، وارتحل إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني، ودرس بالبصرة، وبغداد سنين كثيرة، وله مصنفات كثيرة في الفقه، والتفسير، وأصول الفقه، والأدب، وكان حافظا للمذهب، وقال ابن خيرون: وكان رجلا عظيم القدر، مقدما عند السلطان، أحد الأئمة، له التصانيف الحسان في كل فن من العلم، وذكره الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في الطبقات، واتهمه بالاعتزال في بعض المسائل، بحسب ما فهمه عنه في تفسيره، في موافقة المعتزلة فيها، فالله أعلم، ثم روى عنه حديث:«هل أنت إلا أصبع
دميت» ، وأثنى عليه القاضي ابن خلكان في الوفيات، وعلى مصنفاته، وذكر أنه لم يكن أبرز شيئا من مصنفاته في حياته، وإنما أوصى رجلا من أصحابه إذا حضره الموت أن يضع يده في يده، فإن رآه قبض على يده فلا يخرج من مصنفاته شيئا، وإن رآه بسط يده، أي علامة قبولها، فليخرجها، فبسطها، ولله الحمد والمنة، قال الخطيب، وغير واحد: توفي ببغداد، بعد موت القاضي أبي الطيب بأحد عشر يوما، في ربيع الأول سنة خمسين وأربع مائة، عن ست وثمانين سنة، رحمه الله، قلت: لما قدم السلطان طغرلبك قربه، وأدناه، وحظي عنده، وأكرمه، ولما كتب في تقليد الملك شاهنشاه بتاريخ الفقهاء في جواز ذلك،
فسوغه القاضي أبو الطيب، ومنع ذلك الماوردي، وما زاده ذلك من الملك إلا قربا وحظوة، وله اختيارات غريبة، ووجوه منقولة عنه، في الأصول، والفروع، وعلوم الحديث.