للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي الطيب الطبري، وبرع في المذهب حتى صار علامة فيه، وذكر غير واحد أنه كان يحفظ تعليقة القاضي أبي الطيب حتى كأنها بين عينيه، قال السمعاني: هو أحد المتقنين لمذهب الشافعي، وله اطلاع على أسرار الفقه، وكان ورعًا زاهدًا متقنًا

جرت أحكامه على السداد، وذكر غير واحد أنه لما شغر منصب القضاء ببغداد بموت أبي عبد الله الدامغاني الحنفي رحمه الله سنة ثمان وسبعين وأربع مائة، طلب من صاحبنا هذا أن يتولى المنصب فامتنع، فألحوا عليه، فاشترط عليهم ألا يأخذ عليه معلومًا، وألا يقبل من أحد شفاعة، وألا يغير ملبسه، فأجابوه إلى ذلك، وكان يقول: ما دخلت في القضاء إلا وقد وجب علي، فباشر الحكم مباشرة جيدة عفيفة بصيانة وديانة ووفاء، وكان ينكر عليه تعبيسه في مجلس الحكم، وبعضهم يعد ذلك من محاسنه بحيث قيل: إنه لم يبتسم قط في المجلس، وقال السمعاني: سمعت الفقيه أحمد بن عبد الله بن الأبنوسي، يقول:

جاء أمير إلى قاضي القضاة الشامي فادعى شيئًا، وقال: بينتي فلان والمشطب الفرغاني الفقيه، فقال: لا أقبل شهادة المشطب لأنه يلبس الحرير، فقال: السلطان ملكشاه ووزير نظام الملك يلبسانه، فقال: وإن شهدا عندي ما قبلت شهادتهما أيضًا، وذكر السمعاني أن أمير المؤمنين المقتدي بالله تغير عليه ومنع الشهود من حضور مجلسه مدة، فكان يقول: ما أنعزل ما لم يتحققوا على الفسق، ثم إن الخليفة خلع عليه واستقام أمره، وذكر ابن النجار أنه كان يسوي بين الشريف والوضيع في الحكم، ويقيم جاه الشرع، فكان هذا سبب انقلاب الأكابر عنه، فألصقوا به ما كان مدبرا من أحاديث ملفقة، ومعايب

مزورة قال: وصنف كتاب البيان عن أصول

<<  <   >  >>