أشهب بن عبد العزيز وهو ساجد يدعو على الشافعي، يقول: اللهم أمت الشافعي ولا تذهب علم مالك، فبلغ الشافعي فتبسم وأنشأ، يقول:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... لئن مت ما الداعي على بمخلد
وقد رواها ابن حمكان من غير هذا الوجه، وقد مات الشافعي فلم يتأخر بعده أشهب إلا سبعة عشر يوما، رحمهما الله، وقال أحمد بن خزيمة: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني، يقول: دخلت على محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه، في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ قال: فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلا، ولإخواني مفارقا، ولسوء فعالي ملاقيا، وعلى الله واردا، ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أو إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ، يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا من نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ... ربي كان عفوك أعظما