وقيل: نخرج به بعد الجمعة، فقلت الذي رأيت في المنام، قيل لي: يخرج بعد العصر، وكأني رأيت في النوم حين أخرج به كان معه سرير امرأة رثة السرير، فأرسل أمير مصر ألا يخرج به إلا بعد العصر، فحبس إلى بعد العصر، قال العزيزي: فشهدت جنازته فلما صرت
إلى الموضع الواسع، رأيت سريرا مثل سرير تلك المرأة رثة السرير مع سريره، قال الربيع: توفي الشافعي ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة بعد ما صلى المغرب، آخر يوم في رجب، ودفناه يوم الجمعة، وانصرفنا، فرأينا هلال شعبان سنة أربع ومائتين، وهكذا قال غير واحد في تاريخ وفاته، أنه سنه أربع ومائتين، وقد تقدم أنه ولد سنة خمسين ومائة فيكون عمره يوم مات أربعا وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عنه، وقال الحافظ أبو أحمد بن عدي، قرأت على قبر محمد بن إدريس الشافعي، بمصر على لوحين من حجارة، أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، نسبته إلى إبراهيم الخليل، صلى الله عليه وعلى نبينا
وسلم، هذا قبر محمد بن إدريس، الشافعي، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن صلاته، ونسكه، ومحياه، ومماته لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمر، وهو من المسلمين، عليه حيّ، وعليه مات، وعليه يبعث حيا، إن شاء الله، وتوفي أبو عبد الله ليوم بقي من رجب سنة أربع ومائتين.
قلت: وكان من صفته الظاهرة، رحمه الله، ورضي عنه، أنه كان طويلا، جسيما، نبيلا، خفيف العارضين، وكان يخضب، خلافا للشيعة، وكان مهيبا، رضي الله عنه، قال ابن خزيمة: سمعت الربيع، يقول: والله: ما اجترأت أن أشرب الماء، والشافعي ينظر إلي هيبة له.