ويعرف بفقيه الحرم لأنه أقام بالحرمين مدة ثلاثين سنة ينشر العلم ويسمع الحديث ويعظ الناس ويذكرهم، تفقه على زين الإسلام القشيري في الأصول والتفسير، ثم اختلف إلى مجلس إمام الحرمين ولازم درسه ما عاش، وتفقه عليه وعلق عنه الأصول، وصار من جملة المذكورين من أصحابة أجاز له شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني في سن إحدى وأربعين وأربع مائة، وسمع منه بعد قليل وسمع صحيح مسلم من عبد الغافر الفارسي، وسمع جزء ابن نجيد من عمر بن مسرور، وسمع أيضًا من أبي سعد الكنجروذي، وأبي بكر البيهقي والشيخ أبي إسحاق الشيرازي لما قدم رسولا إلى نيسابور وخلق وتفرد بصحيح مسلم، ودلائل
النبوة، والأسماء والصفات، والدعوات الكبير، والبعث والنشور للبيهقي، قاله السمعاني، وروى عنه أبو سعد السمعاني، والحافظ أبو القاسم ابن عساكر، وأبو الحسن المرادي، ومحمد بن علي بن صدقة الحراني، وخلق آخرهم المؤيد الطوسي، قال السمعاني: هو إمام مفتي مناظر واعظ، حسن الأخلاق والمعاشرة، كثير التبسم، جواد مكرم للغرباء، وما رأيت في شيوخنا مثله، وقال عبد الغافر الفارسي: هو فقيه الحرم البارع في الفقه والأصول الحافظ للقواعد نشأ بين الصوفية، ووصل إليه بركات أنفاسهم.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت عبد الرشيد بن علي الطبري بمرو، يقول: الفراوي ألف راو، قلت: إنه أملى ألف جزء، وقرئ عليه صحيح مسلم شيئًا كثيرًا، وتوفي في الحادي والعشرين من رمضان سنة ثلاثين وخمس مائة بنيسابور، ودفن إلى جانب إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة، وكان يومًا مشهودًا رحمه الله تعالى، فقال: قلت: وقع لنا صحيح مسلم بكماله من طريقة ولله الحمد.