فإنه اشتغل على مؤدبه الإمام أبي العباس أحمد بن الرطبي أحد أعيان الشافعية وتلاميذه الشيخ أبي إسحاق كما تقدم في المرتبة التي قبل هذه، ولد سنة اثنتين وخمس مائة، وبلغ تسع سنين وخطب له بولاية العهد في سنة ثلاث عشرة، وبويع بالخلافة في ذي القعدة سنة تسع وعشرين، وكان أبيض جميلًا تام الخلق شديد البطش حسن السيرة حميد الطوية يؤثر العدل ويكره الشر، وكان فصيحا أديبًا شاعرًا سمحا جوادا خليفة جيدا صالحا لها ولكن لم تطل أيامه أكثر من سنة حتى خلع وبويع لعمه المقتفي بالله أبي عبد الله
محمد ابن المستظهر، وقيل: إنه كتب عليه محضر بسفك الدماء وشرب المنكر وظلم وأخذ الأموال واستفتى عليه وخلع فالله أعلم، ثم إنه خرج إلى بلاد أذربيجان ثم إلى نواحي أصبهان فمرض هنالك مرضا شديدا، ثم دخل عليه في السادس، وقيل: السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ثنتين وثلاثين وخمس مائة جماعة من فراشيه، وقيل: من الملاحدة الباغية، فقتلوه بالسكاكين، وقيل: سموه وهو صائم رحمه الله، ودفن بمدينة حي، وله هناك تربة وعقد له العزاء ببغداد، فكان عمره ثلاثين سنة.
قال العماد الكاتب: كان له الحسن اليوسفي، والكرم الحاتمي بل الهاشمي، استدعى والدي صفي الدين لتولية الوزارة، فتعلل عليه وخلف ببغداد نيفا وعشرين ولدا ذكرا، سامحه الله وغفر له أمين، وقال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي: الناس يقولون: إن كل سادس يقوم للناس يخلع، فتأملت ذلك، فرأيته عجبا أعتقد الأمر لنبينا صلى الله عليه وسلم، ثم قام بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ثم الحسن، فخلع، ومعاوية ويزيد ومعاوية بن يزيد ومروان وعبد الملك ثم ابن الزبير فخلع، وقتل،