الورع المتقشف أحد الآمرين بالمعروف القائمين به الصادعين بالحق، قال ابن خلكان: كان فقيهًا ورعًا تفقه بنيسابور على محمد بن يحيى، وكان يستحضر كتابه المحيط حتى قيل: إنه عدم الكتاب، فأملاه من خاطره، وله كتاب تحقيق المحيط في ستة عشر مجلدًا، قال: وكان السلطان صلاح الدين يقربه ويعتقد في علمه ودينه، وعمل له المدرسة المجاورة لضريح الشافعي، قال: ورأيت جماعة من أصحابه وكانوا يصفون فضله ودينه وأنه كان سليم الباطن، وقال المنذري: كان مولده في رجب سنة عشر وخمس مائة، وحدث عن أبي الأسعد هبة الرحمن بن القشيري،
وقدم مصر سنة خمس وستين، فأم بالمسجد المعروف به بالقاهرة على باب الجوانية مدة ثم تحول إلى تربة الشافعي، وشغل بعمارتها وعمارة المدرسة إلى جانبها، فأقام بها مدة طويلة، وأفتى ووضع في المذهب كتابًا مشهورًا، وقال الموفق عبد اللطيف: كان فقيهًا صوفيًا سكن خانقاه السميساطي بدمشق، وكانت له معرفة بنجم الدين أيوب، وأخيه أسد الدين، وكان قشفا في العيش بائسا في الدين، وكان يقول: أصعد إلى مصر وأزيل مالك بن عبيد اليهودي، فلما صعد أسد الدين منعه، ونزل بمسجد وصرح بثلث أهل القصر وجعل لشيخه منهم، فحاروا فيه، وأرسلوا إليه بمال عظيم نحوا من أربعة آلاف دينار فرده
إليه الذي جاءوا به ولم يأخذه صرفه، وما ازداد إلا شدة وغلظة، وهو الذي جرأ صلاح الدين على الخطبة لبني العباس، فانتظم ذلك ولله الحمد، وذكروا أن الملك صلاح الدين كان شديد التعظيم له، وأنه كان يأمره وينهاه بعنف ولا يباليه، حتى أنه كان يزوره ويعظمه، وقد زار القاضي الفاضل الشافعي مرة، فوجد الخبوشاني في