الأحكام، ونوابه في القضاء شمس الدين الشيرازي، والقاضي شمس الدين بن سني الدولة، والقاضي شرف الدين ابن الموصلي الحنفي، يحكم بالطرحانية بجيرون، وكان القاضي زكي الدين يحب أهل الخير ويزور الصالحين، وكان الملك المعظم صاحب دمشق يبغضه، ولكن كان يحترمه لأجل والده السلطان الملك العادل، فلما توفي السلطان أقدم عليه وكان في نفسه منه أشياء، ولما مرضت الخاتون ست الشام عمة المعظم بعثت إلى القاضي ابن الزكي وشهوده، وأوصيت إليه وأشهد عليها
أن دارها مدرسة، فبلغ ذلك المعظم فعز عليه، وقال: تحضر إلى دار عمتي بغير إذنى وتسمع كلامها ثم أغرى عليه السلطان في قضية فلما استقر بين يديه ضربه بالمقارع، وبعث إليه بخلعة صفراء وكلومة، وبعث يقول له: إن الخليفة إذا أحب أحدًا بعث إليه من ملابسه، ونحن قد بعثنا إليك من ملابسنا، وألزمه أن يلبسها في مجلس الحكم، فبادر فلبسها، وحكم بين اثنين، ودخل منزله فمرض ومات، ويقال: إنه رمى قطعًا من كبده، وتأسف الناس لما جرى عليه ويقال: إن المعظم ندم على ما كان منه إليه، واتفق أن الشرف بن عنين حدث له بزهد وتوبة، ولزم مكانًا ينقطع فيه فبعث إليه المعظم خمرًا ونردًا
وقال: شيخ بهذا، فكتب إليه ابن عنين:
يأيها الملك المعظم سنة ... أحدثتها تبقى على الأباد
تجرى الملوك على طريقك بعدها ... خلع القضاء وتحقر الزهاد
، وكانت وفاة القاضي زكي الدين في الثالث والعشرين من صفر سنة سبع عشرة وست مائة.