مذهب الإمام الشافعي بالفقه ثم عاد إلى دمشق، وله جلاله ومكانه، وكان يحفظ الجمع بين الصحيحين للحميدي، قاله الحافظ الضياء والمنذري، وكان يقوم الليل ويداوم على صلاة الضحى صلاة حسنة، وكان لا يترك الاشتغال ليلا ونهارًا ويطالع كثيرا ويشتغل، قال العز بن الحاجب: كان إماما ورعا معظما لفضله ودينه، عديم النظير في فنه، بالغ في طلب العلم وكان وافر الحظ من الخلاف، وكان سليم الباطن ذا سمت ووقار وتعبد.
قلت: وله كتاب ظريف في الخلاف مجلدا، وكتاب الفصول والفروق وكتاب الدلائل الأنيقة في غير ذلك من الفوائد الجمة، قال الحافظ الضياء: لما تولى المدرسة العذراوية رآه القاضي صدر الدين ابن سليمان الحنفي رحمه الله، في النوم، كان الإمام أحمد يدرس فيها فيسر به، قال: ودرس بالصارمية التي إلى جانبها، ودرس بأم الصالح إسماعيل، وبالشامية البرانية، ومات وهو مدرس العذراوية، وقال شيخنا الحافظ شمس الدين الذهبي: ناب في القضاء عن الكمال المصري، وعن القاضي شمس الدين ابن سني الدولة، والقاضي شمس الدين الخويي، والقاضي عماد الدين الحرستاني الخطيب، وعن القاضي الرفيع حتى
مات، وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: كان يعرف بالحنبلي، وكان فاضلًا دينًا وكان بارعًا في علم الخلاف وفقه الطريقة، حافظًا للجمع بين الصحيحين للحميدي، وقرأت وفاته بخط الحافظ الضياء يوم الجمعة خامس شوال سنة ثمان وثلاثين وست مائة.