النبيل، محرر المذهب ومهذبه وضابطه ومرتبه، أحد العباد والعلماء الزهاد، ولد في العشر الأواسط من المحرم سنة إحدى وثلاثين وست مائة، ونشأ ببلده نوى، وكان يتوسم فيه النجابة من صغره، وقرأ بها القرآن، وقدم دمشق في سنة تسع وأربعين، وقرأ التنبيه في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع المهذب في بقية السنة، ولزم شيخه الكمال إسحاق بن أحمد المغربي، وأعاد عنده الجماعة، ومكث قريبًا من سنتين لا يضع جنبه إلى الأرض، وإنما يتقوت بجراية الرواحية التي هو مقيم بها، وحج مع والده في سنة إحدى وخمسين وست مائة من شهر رجب، وحم من أول ليلة خرجوا من نوى إلى يوم عرفة، قال والده: وما
تأوه ولا تضجر، ثم عاد إلى دمشق، ولازم شيخه الكمال إسحاق بن أحمد، وكان يقرأ في اليوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا درسين في الوسيط، ودرسا في المهذب، ودرسا في الجمع بين الصحيحين، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في صحيح مسلم، ودرسًا في أصول الفقه، تارة في اللمع لأبي إسحاق وتارة في المنتخب للرازي، ودرسًا في أصول الدين.
قال: وكنت أعلق ما يتعلق بذلك من الفوائد، قال: وعزمت مرة على الاشتغال بالطب، فاشتريت القانون لأقرأه فأظلم على قلبي وبقيت أيامًا لا أشتغل بشيء، ففكرت فإذا من القانون فبعته في الحال، وأخذ العلم عن جماعة من الشيوخ، وبورك له في وقته رحمه الله وتقبل منه وقد سمع الحديث من جماعة أيضًا منهم الرضي بن برهان الدين سمع عليه جميع صحيح مسلم، والشيخ شمس الدين ابن أبي عمرو ابن الشيخ عماد الدين ابن الحرستاني، وإسماعيل بن أبي اليسر، وسمع صحيح البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني، وشرح السنة ومسند الإمام الشافعي، والإمام أحمد،