المناسك، وكتاب الرياض، وكتاب الأذكار، وكتاب الأربعين، وقد سمعناه على شيخنا المزي، وغير ذلك من الفوائد، وله كتاب طبقات الشافعية اختصر فيه كتاب ابن الصلاح، وزاد عليه أسماء نبه على ذيل في كتابه مع أنهما لم يستوعبا أسماء
الأصحاب، ولا النصف من ذلك، وهذا هو الذي جرأني على جمع هذا الديوان، وبالله المستعان.
وقد كان رحمه الله على جانب كبير من العلم والزهد والتقشف والاقتصاد في العيش والصبر على خشونته، والورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه، ولا قبله بدهر طويل، فكان لا يدخل الحمام، ولا يأكل من فواكه دمشق لما في بساتينها من الشبه في ضمانها والحيلة فيه، صرح بذلك، وكان لا يأكل إلا أكلة واحدة في اليوم والليلة بعد عشاء الأخيرة ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، ولا يشرب المبرد، ولم يتزوج قط، وكان قليل النوم، كثير السهر في العبادة والتلاوة والذكر والتصنيف، وكان أمارًا بالمعروف نهاء عن المنكر يواجه الأمراء والكبار والملوك بذلك ويصدع بالحق، وقام على الملك
الظاهر في دار العدل في قضية الغوطة لما أرادوا وضع الأملاك على بستانها فرد عليهم ذلك، ووقى الله شرها بعد أن غضب السلطان، وأراد البطش به، ثم بعد ذلك أحبه وعظمه حتى كان يقول: أنا أفزع منه.
وقد ولي الشيخ محيي الدين مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد الشيخ شهاب الدين أبي شامة سنة خمس وستين إلى أن توفي، ولم يتناول من معلومها فلسًا، ولم يقبل لأحد هدية إلا نادرًا وإنما كان يتقوت مما يأتيه من أبيه من نوى كعك وفطير، وكان يلبس ثوبًا حرانيا وعمامة سنجانية، وكان لا يؤبه له بين الناس وعليه سكينة